يا مادبا بنتاً طموح!

ما حدث في مادبا خلال الايام الاخيرة, وما حدث قبل ذلك في اكثر من مدينة وقرية اردنية من حريق وتكسير واعتداء على الاملاك العامة والخاصة, لا يحدث لأن الدولة قوية, ومهيبة, وتفرض قوانينها. وهذا النوع من العنف في الشارع والجامعة والمستشفى والمدرسة اصبح قابلاً للتكرار والتطور دون أن يشعر المواطن بأن بلده آمن فعلاً ومستقر فعلاً!! ودون أن يشعر المستقوون على الدولة بأنهم يمكن أن يدفعوا ثمن استقوائهم!!
أحد كتابنا الافاضل كان يعلق امس على احداث مادبا بأن العشائرية التي جعلنا منها حزبنا, وبؤرة استقطابنا السياسي والفكري اصبحت تشكل خطراً على النافخين في نارها!! وهنا نحب أن نفرّق بين العشائر وهذه العشائرية التي يتحدث عنها الزميل. فالعشائر الاردنية كانت دائماً اساس استقرار البلد واحترام النظام العام. ويبدو أن الفساد والافساد طال هذه المؤسسة الاجتماعية المحترمة كما طال الكثير من مؤسسات البلد.. والفساد ليس الرشوة والمال الحرام وخراب الضمائر والنفوس وانما هو ضرب هياكل المجتمع السياسية والاقتصادية والاخلاقية. وزعزعة اليقين الوطني بمؤسسات الحكم.. وأول علائم طغيان هذا المد التخريبي هو الاعتداء على الشارع والاملاك العامة والخاصة, والاعتداء على الاطباء في مستشفياتهم والمعلمين في مدارسهم وجامعاتهم. والتطاول على اعلى مسؤول.. وعلى رموز البلد!!
تقزّم هيبة الدولة لا علاقة له بالربيع العربي, ولا يمكن تعريف هيبة الدولة بملء البطون, وخزان السيارات بالبنزين الرخيص, وتوظيف محبي الادعاء والفشخرة والاستكبار على الوطن. وقبل كل شيء وبعد كل شيء هذا الغضب المفتعل الذي يعطل كل حوار وكل كلمة طيبة ويعتدي على الاخرين.
هيبة الدولة تفرضها الدولة ولا تستجديها, والنظام العام لا مساومة عليه.. فإما احترام السلطة والمواطن والشارع والمستشفى والمدرسة او الانفلات والسطو والبلطجة!!
نتمنى أن تفكر الحكومة بطريقة أخرى. فالناس الاطياب تناسبهم.. تعطيهم البنت أو تزوج الولد, لكن الناس الذين يحكمون ليسوا بالضرورة أقل حزماً في اتخاذ القرار وفرض السلم الاهلي, واحترام القانون!! ( الرأي )