عندما يقرع د.كامل العجلوني الجرس

كل من يعرف الدكتور كامل العجلوني رئيس المركز الوطني للسكري والغدد الصماء عن قرب، يعلم مدى المخاوف والهواجس التي تتملكه من إدارة الظهر عن مواجهة جادة لما يتعرض له الأردنيون من متلازمة أمراض خطيرة، وضعته بين أعلى عشر دول في العالم أجمع في زيادة الوزن والبدانة وما يتفرع عنها من انتشار السكري والتوتر الشرياني واختلاط الدهون والسمنة على نحو مقلق، بعد أن بينت آخر الأرقام أن 36% ممن هم فوق سن 25 مصابون بالسكري وترتفع في التوتر الشرياني إلى 40% والدهون 50% بينما يعاني 86% من السمنة، أما مرضى متلازمة الاستقلاب المصابون بثلاثة معاً من هذه الأمراض فتصل نسبتهم إلى 57% من الرجال و33% من النساء.!
هذه الحقائق العلمية والطبية والاحصائية هي التي دفعت إلى تبني الاستراتيجية الوطنية للحد من السكري والتوتر الشرياني واختلاط الدهون والسمنة التي تم اطلاقها قبل أيام لكن من دون أن تخصص لها الحكومة فلساً واحداً حتى الآن، في الوقت الذي تشير فيه الأرقام التي أعلنتها وزارة الصحة ذاتها أن ما أنفقه الأردن عام 2010م على هذه الأمراض بلغ نحو تسعمئة وخمسين مليون دينار كتكلفة مباشرة للأمراض المزمنة، ,إذا ما كانت التقديرات تشير إلى أن مثل هذا المبلغ يذهب تكلفة غير مباشرة فإن حجم الإنفاق السنوي يتجاوز الملياري دينار وهو مرشح للزيادة عاماً بعد آخر.!
يقرع الدكتور كامل العجلوني أكثر من جرس إنذار من أجل تنمية الوعي بمكافحة أمراض خطيرة تهدد المجتمع الأردني برمته وتتطلب تضافر جهود جميع الجهات الرسمية والخاصة وعلى مستوى الأسر والأفراد، بعد أن توقعت الدراسة الاكتوارية التي أجراها معهد الأمراض الأمريكي على السكري في الأردن أن المصابين بالأمراض الملازمة له سيبلغون أكثر من ثلاثة ملايين مواطن أردني بتكلفة تصل إلى ستة مليارات دينار أي ما يعادل الموازنة السنوية الأردنية بكاملها في هذه الأيام،من دون تحريك أي ساكن في مواجهة معضلة صحية تتسبب في ما يزيد على خمسين حالة وفاة يومياً.!
المهم ليس وضع الاستراتيجيات وإعلان ارقامها المثيرة في هذا الشأن وإنما أن تتحول إلى قاعدة لبناء منهج علمي في مجابهة المشكلات العلاجية والوقائية المترتبة عليها وهذا ما لم يتحقق على المستوى المطلوب، ويستدعي تنظيم حملات شاملة تحد من هذه المخاطر على الصحة والسلامة العامة، وما يحزن في هذا المجال على سبيل المثال لا الحصر أن تبلغ أرباح الأدوية لدينا تذهب 46% من تكاليفها إلى سلسلة المنتجين والمستودعات والصيدليات وهذا ما يجعل أسعار الدواء في الأردن تفوق ألمانيا مع الفارق الهائل في الدخل بينهما، أي أن هناك ما يمكن اعتباره تجارة فاحشة في آلام الناس ومصائبهم المرضية.!
كيف ستضع الجهات الأردنية المتخصصة الاستراتيجية الوطنية الوليدة للحد من السكري والتوتر الشرياني واختلاط الدهون والسمنة على مسار التطبيق الفاعل من مختلف الجوانب وتنظيم حملات توعية شاملة واتخاذ اجراءات جادة في مواجهة مثل هذه المخاطر التي تعصف بالمجتمع الأردني وتصيبه بالكآبة وحتى الضعف الجنسي، هذا هو السؤال الكبير الذي ينتظر الاجابة الشافية عليه بعد إطلاقها رسمياً وإعلان أرقامها المذهلة التي يفترض أن تصدم الجميع في مجتمع غالبيته من الشباب الذين يعانون من أمراض يمكن اعتبارها قاتلة وهم في بواكير العمر في ما يلقي بظلال قاتمة على آفاق المستقبل إذا ما بقيت الحال على ما هي عليه ! .
( العرب اليوم )