تغتالوا استدارة الملك

خطوة الملك بإعادة قانون الانتخاب إلى مجلس الأمة تعتبر ايجابية، ويمكن البناء فوقها على أساس أن مطبخ القرار بدأ يستمع ويتنبه للتحديات الداخلية.
«المسوِّغون لكل شيء» محرجون اليوم، فقد هللوا للقانون -الذي تم رده- على اعتبار انه إرادة ملكية ونهاية الإصلاح، وها هم اليوم يقولون بفجاجة وغياب لماء الوجه أن «رد القانون انتصار ملك لإرادة شعب».
دعونا من ذلك كله ولنرمه من وراء ظهورنا، فالحقيقة أن الملك أحدث استدارة تجاه الإصلاح، ولكن يبقى الرهان على حجمها وقيمتها ومنتجها.
المقاطعة هي من جعلت الملك يراجع صيغة القانون؛ وبالتالي يجب على مجلس الأمة والحكومة العمل بطريقة مختلفة، تنتج قانوناً يبدد المخاوف ويوسع المشاركة وينهي الأزمة.
الحديث عن توسيع القائمة الوطنية وجعلها تقترب من الثلاثين مقعداً أمر لا يكفي؛ فمحور التغير لا يكون إلا بالتخلص من «الصوت الواحد» مباشرة ومواربة، والارتقاء بالقانون لمستوى المرحلة.
ما أخشاه أن يتم توجيه الخطوة لمجرد تكتيك يضع المعارضة في الحرج ويرمي الكرة إلى ملعبها، فإذا ما كانت التعديلات غير ماسة للجوهر، فسيكون الاغتيال عنواناً لاستدارة الملك.
اليوم نحن نعيش في ظرف دقيق وصعب، لا يستحمل مزيدا من البهلوانيات والترهات؛ فالملك قال عدّلوا القانون، ومن هنا وجب الذهاب إلى الجوهر دون صبانيات وألاعيب.
دعونا لا نخفي سرا بالقول إن رؤساء المؤسسات الدستورية (المصري والطراونة والدغمي) لم يكونوا على مستوى مسؤولية تشريع قانون انتخاب عصري ووطني وتوافقي.
ولعل تدخل الملك يثبت ذلك، ومن هنا أرى أنه من المناسب للملك متابعة ما سيكون من قانون، ولو بشكل شخصي؛ خشية أن تكون التعديلات فارغة وتبقى مبررات المقاطعة نشطة ومبررة.
بعض المقربين داخل النظام يقولون إن التعديلات لن ترضي المعارضة، ولا الحراكات، لكنها ستوقع الحرج عليهم وستستعيد بعضا من أهل النظام الذين رفضوا الصيغة الماضية.
ما نرجوه أن تكون الخطوة جدية وعلى مستوى قراءة دقة الظرف، وما زلتُ متفائلاً بأن يذهب مطبخ القرار إلى مسافة إصلاحية ابعد من امكانات مجلس النواب المتواضعة.
استدارة الملك للإصلاح فيما يتعلق بقانون الانتخاب، أعطت الأمل للكثيرين ونتمناها أن تكون على مستوى التطلع، لا مجرد لمعة استدارة. ( السبيل )