ذكرى وفاة ذوقان الهنداوي

المدينة نيوز - يصادف الاثنين الموافق 2/7/2012 الذكرى السنوية السابعة لرحيل المغفور له بإذن الله فقيد الوطن والأمة العربية الأستاذ ذوقان الهنداوي بعد حياة حافلة بالعطاء شغل خلالها العديد من المناصب القيادية.
ولد الأستاذ ذوقان الهنداوي عام 1927 في منزل والده الشيخ سالم باشا الهنداوي الكائن في مضافة آل الهنداوي المتفرعين من عشيرة الخصاونة في قرية النعيمة في محافظة اربد في المملكة الأردنية الهاشمية (إمارة شرق الأردن آنذاك). ابتدأ دراسته في قرية النعيمة ومن ثم في مدرسة إربد الثانوية. ولتفوقه العلمي تم اختياره وإبتعاثه للكلية العربية في القدس الشريف وحصل على شهادة الثانوية الإنجليزية من جامعة لندن عام 1947 وشهادة البكالوريوس من جامعة القاهرة (جامعة الملك فؤاد الأول آنذاك) في التاريخ عام 1951 وشهادة الماجستير من جامعة ميريلاند الأمريكية في علوم التعليم المتطور عام 1959.
خدم ذوقان الهنداوي "بإخلاص وصمت وأمانة" (كما وصفة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في صيف عام 1989) وطنه وأمته من خلال العديد من المناصب القيادية الرفيعة طوال أربعة عقود من الزمن منذ عام 1964 ولحين وفاته عام 2005 والتي كان منها رئيس للديوان الملكي الهاشمي العامر ونائب لرئيس مجلس الوزراء وعين في مجلس الأعيان وسفير فوق العادة ونائب في مجلس النواب ووزير لعشرين مرة في حكومات مختلفة وعلى مرّ أربعة عقود متتالية منذ أواسط الستينيات حتى أواخر التسعينيات من القرن الماضي. أبرز الحقائب الوزارية التي تبوأها الهنداوي كانت حقيبة التربية والتعليم التي تولاها لأربع عشرة مرة، فكانت له الانجازات الكبيرة والبصمات الواضحة في النهوض والارتقاء بقطاع التربية والتعليم كما ونوعا في الأردن. كما كانت للفقيد المشاركة البرلمانية الفعالة والمتميزة حين تم انتخابه نائبا في مجلس النواب الحادي عشر، وكذلك حين تم تعيينه عضوا في مجلس الأعيان ونائبا للرئيس للعديد من المرات.
جمع الأستاذ ذوقان الهنداوي وبكل توازن ونغم بين قوميته العربية الصلبة وهويته الأردنية العريقة. فقد كان مخلصا واسع الرؤية والاطلاع... يعطي لوطنه وأبناء أمته بلا حدود. وكان رجل دولة من الطراز الأول نال بجدارة ثقة الهاشميين واحترام القادة العرب على مر العقود.... وأكنت له كافة الإطراف السياسية على اختلاف اتجاهاتها خالص الاحترام والتقدير، وكسب ثقة القيادة الهاشمية وحب الشعب بكافة فئاته، ولذلك فقد تم تكليفه من قبل القيادة الهاشمية بأعلى المناصب في أحلك الظروف وأدقها وأشدها حساسية ومنها رئيس للديوان الملكي العامر بعد أحداث نيسان 1989 ورئيسا للجنة التحقيق في أحداث جامعة اليرموك المؤسفة في منتصف الثمانينات.
أما تربويا فقد أرسى ذوقان الهنداوي فلسفة ومنهجية التعليم في الأردن من خلال مسيرته الطويلة في هذا المجال... تشير الوثائق الرسمية أن الهنداوي قد إمتهن التعليم بكل اعتزاز وفخر وأنة قد تدرج فيها بكفاءة وجدارة عالية كمعلم للتاريخ لسنوات عديدة ومن ثم مفتشا ومديرا لدار المعلمين في بيت حنينا ووكيل وزارة لحين أن استلم أول وزارة له في الحكومة الثالثة للمرحوم وصفي التل في عام 1965 وهو في الثامن والثلاثين من العمر. واستمر منذ ذلك الحين في تبوء المناصب الوزارية الهامة حتى أواسط التسعينيات وتقلد خلالها العديد من الأوسمة الوطنية والدولية الرفيعة. هذا وقد شارك الهنداوي بفاعلية ومثابرة في النهضة الفكرية والثقافية للأمة العربية وألف عدد من المؤلفات كان من أهمها كتاب القضية الفلسطينية الذي يعتبر مرجعا واعتمد منهجا دراسيا في مرحلة التعليم الثانوية في الأردن لسنوات طويلة حتى عام 1996 بالإضافة لعضويته في إدارة مجمع اللغة العربية والهيئة الإدارية للموسوعة الفلسطينية.
إنسانيا وشخصيا كان الأستاذ ذوقان متواضعا... ذو خلق جم... مضيء الوجدان... ساميا فوق الصغائر... عفيف اللسان... ابتسامته لا تفارق محياه.... هذا ومن الجدير بالذكر أن أكثر ما عرف وأثبت عنه نزاهته الفائقة واستقامته الشديدة ونظافة يده الكاملة على مر السنوات الطوال في أرفع المناصب الحكومية... وكان معروفا عنه أيضا حبه الشديد لمساعدة أبناء وطنه من كافة الأصول المختلفة والفئات الكثيرة والطبقات الاجتماعية فلذلك أحبه من كل عرفه أو تعامل معه أو حتى سمع به أو تأثر بانجازاته بشكل مباشر وغير مباشر.... وقد كان لقب "ألأستاذ" اللقب الأقرب إلى قلبه والأحب إليه من كل الألقاب التي حصل عليها بجدارة على مر السنين.
انتقل الهنداوي إلى رحمة الله تعالى في 2 تموز 2005 عن عمر يناهز الثماني والسبعين ودفن في المقابر الملكية تقديرا لإنجازاته الكبيرة وجهوده المتميزة في خدمة الوطن والأمة. هذا وقد ترك الهنداوي إرثا من الذكريات الحية والسيرة العطرة التي شهدت دوما على نقاء سريرته وعروبة قوميته وعطائه غير المحدود للأردن الذي عشق ولشعبة الذي خدم بإخلاص.