المملكة الأردنية هل تخاف "ربيعاً" يدعمه حلفاؤها؟
المدينة نيوز - كتب سركيس نعوم في صحيفة النهار مقالا تحليليا حول موقف الاردن مما يحدث في سوريا بعنوان ( المملكة الأردنية تخاف "ربيعاً" يدعمه حلفاؤها؟) وتاليا نصه:
يبدو ان نظام الرئيس بشار الاسد، الذي يواجه ثورة شعبية متصاعدة بدأت سلمية وحوّلها قمعه مسلحة، مرتاح نوعاً ما الى المواقف العملية للمملكة الاردنية الهاشمية مما يجري في بلاده. هذا ما يقوله لبنانيون قريبون جداً من دمشق، ويضيفون ان هناك تنسيقاً أمنياً جدياً بين الدولتين مما يدفع الى استبعاد اي ازمة فعلية في العلاقة بينهما، على الأقل الآن وفي المستقبل المنظور. ويعطي هؤلاء مثلاً على التنسيق المشار اليه الطريقة التي تتعامل بها السلطات في الاردن مع النازحين السوريين اليه هرباً من القمع والملاحقة أو من المعارك. فهي استقبلتهم منذ بداية الثورة ولا تزال، وأقامت لهم مخيمات وفرت لهم فيها الحد الأدنى من أسباب العيش المعقول، لكنها أبعدتها عن الحدود مع سوريا وذلك حرصاً منها على عدم تحويلها مخيمات لجوء واقامة موقتة وانتقال الى الداخل السوري ومنه للثائرين على الاسد ونظامه سوريين كانوا أم غير سوريين.
لماذا اتخذت المملكة الاردنية هذا الموقف التعاوني مع نظام سوريا؟
يجيب متابعون لأوضاع المملكة على تنوعها ان عواطف العاهل الاردني عبدالله الثاني اتجهت منذ زمن نحو الشعب السوري الثائر. وقد عبَّر عن ذلك اكثر من مرة قبل انقطاع الاتصال بينه وبين الرئيس الاسد وبعد انقطاع هذا الاتصال، اذ دعا في المراحل الأولى الرئيس السوري الى التجاوب مع شعبه وتحقيق اصلاحات حقيقية تبعد سوريا عن القتل والعنف والدمار والحرب الأهلية. وعندما لقيت دعوته آذانا صماء، كان الزعيم العربي الأول الذي دعا الاسد الى التخلي عن السلطة. لكنه طبعاً لم يخض على الاقل علانية معركة مفتوحة ورسمية ضده مثلما فعلت دول عربية عدة ابرزها في هذه المرحلة المملكة العربية السعودية وقطر. فضلاً عن انه بذل كل ما يستطيع من جهد بغية عدم تحويل بلاده أو جزء منها طرفاً في الحرب الدائرة داخل سوريا. ويعيد المتابعون المذكورون اعلاه موقف العاهل الاردني الى سببين رئيسيين. الأول، معرفته ان النظام السوري يبقى قادراً ورغم الصعوبات على زعزعة الاستقرار في بلاده بأكثر من وسيلة، "فيده طايلة" وعلاقاته مع بعض الجهات الشعبية الاردنية ليست عاطلة، فضلاً عن ان تاريخه في التعامل مع المنظمات والمجموعات القادرة على الايذاء وإن باسم الدين، وهذا ما فعله في العراق منذ احتلال القوات العسكرية الاميركية له وحتى خروجها منه، يجعله واثقاً من قدرته على استعمال من اخترق بهم تيارات اسلامية عدة لتحقيق اهدافه الاردنية، أو بالأحرى لمنع الاردن من مشاركة اعدائه في استهدافه. اما السبب الثاني، فهو خوف الاردن وعاهله عبدالله الثاني من الاسلاميين الاردنيين، ومعرفته الثابتة بانهم القوة الشعبية الاكبر في بلاده، وتأكده ان لهم تأثيراً كبيراً على قطاعات واسعة في اوساط الاردنيين من اصل فلسطيني كما في اوساط اردنيي الشرق. والسبب الثاني هذا بتنوع مكوّناته مقلق لأنه يفتح الباب امام تطورات في المملكة الاردنية وكذلك احتمالات بعضها بسيط وبعضها جدي وبعضها خطير. واسلاميو الاردن اليوم هم الذين بدأوا "ربيعه" وإن مختلفاً عن "ربيع" تونس وليبيا ومصر وسوريا على الاقل حتى الآن. فهم الذين يقودون التظاهرات الشعبية الاسبوعية الحاشدة، لكنهم يكتفون حتى الآن بمطالبات اصلاحية من داخل النظام اذا جاز التعبير على هذا النحو. فضلاً عن أنهم لا يزالون مبتعدين، مع استثناءات قليلة وبسيطة، عن "الدق" بالملك عبدالله الثاني. طبعاً يتذكر الاخير ان الاسلاميين في بلاده هم الذين حموا النظام ايام والده الراحل الملك حسين في خمسينات القرن الماضي، مع بريطانيا طبعاً وربما اسرائيل، وربما يتمنى ان يستمر دورهم الحامي للنظام. لكن التمني قد لا يكون في مكانه، ذلك ان ما يسمى "الربيع" العربي يصنعه منذ بداياته في تونس الاسلاميون، ونجاحه يعني وصولهم الى الحكم في العالم العربي في شكل أو في آخر.
هل يزعج موقف الاردن المفصل أعلاه حلفاءه وابرزهم السعودية؟
المتابعون انفسهم يستبعدون ذلك، وإن كان حلفاؤه يتمنون ان يتصرف مثل لبنان او بعض "اللبنانات" فيه من رسمية وغير رسمية. لكنهم يتفهمون دوافعه، ويحتاجون اليه، ويعرفون انه قدّم لهم خدمات جلَّى في غير ميدان، وانه عند الحشرة لن يخذلهم. اما القريبون من دمشق فيقولون "يا ريت" تصرف لبنان او بعض "لبناناته" مثل الاردن.