رسالة من أبناء لواء الكورة الى رئيس الوزراء
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الدكتور فايز الطراونة
رئيس الوزراء الأكرم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
باسمي شخصياً ونيابة عن الأهل من أبناء لواء الكورة من مواطني هذا البلد الطيب المعطاء، فقد ارتأينا أن نتقدم من دولتكم بفيض من الهمّ الشعبي لأبناء اللواء، وذلك باعتباركم بموجب المادة (45) فقرة (أ) من الدستور تتولّونَ مسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية، فأنتم أصحاب الولاية العامة.
إن لواء الكورة هو أحد ألوية محافظة إربد والبالغ تعداد سكانه 130 ألف نسمة، يبعد عن مدينة إربد مركز المحافظة حوالي 20كم ويتم قطع هذه المسافة بوسائط النقل الحديثة بمدة تتراوح بين 20-30 دقيقة، غير أن واقع اللواء المتمثل بضعف البنية التحتية وسوء الخدمات ونقصها، وتفشي الفقر والبطالة، وأخيراً الحرمان السياسي المتمثل في تهميش أبناء اللواء وعدم تمكينهم من العمل في مواقع القرار المتقدمه يجعل لواء الكورة متخلفاً من مدينة إربد (40_50)عاما،ً و(80_100) عاماً عن العاصمة عمان، وهذا يمثل تشوّهاً وانحرافاً عن مسار التنمية الوطنية الشاملة، تتحمل وزره كافة الحكومات المتعاقبة التي مارست العبث بحقوق العباد، والتضحية بمصالح البلاد كافة، فكان أبناء لواء الكورة من ضحايا تلك السياسات شأنهم في ذلك شأن الكثيرين من المعذبين والمحرومين والجياع في البلاد! إن تجسير هذه المسافة يحتاج إلى خطة استراتيجية طويلة المدى، ولما كانت حكومتكم حكومة انتقالية مهمتها الأساسية التمهيد لإجراء الانتخابات النيابية قبل نهاية هذا العام، فإننا في هذه الرسالة سنركّز وبإيجاز شديد على التمثيل النيابي للواء الكورة والانتخابات القادمة.
إن لواء الكورة كان ممثلاً في المجلس التشريعي الأول زمن الانتداب البريطاني بطريقة أكثر عدالة من تمثيله في مرحلة الاستقلال، والتحول الديمقراطي منذ عام 1989 حتى الوقت الحاضر، لدرجة أنه في الانتخابات التي جرت في عام 1994 كان لواء الكورة غير ممثّل على الإطلاق في المجلس الذي أفرزته تلك الانتخابات، وحينها كان أبناء الكورة يعتبرون ترك الحقوق سماحة، والرضى بالظلم طاعة، وهذا زمن ولى إلى غير رجعة، وحتى اليوم فإن نسبة تمثيل أبناء لواء الكورة في مجلس النواب هي أقل من 0.08% وهذا يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق أبناء اللواء التي كفلها الدستور،وظلماً فاضحاً لا يمكن السكوت عنه.
ومنذ ما يقارب عشر سنوات سعى أبناء اللواء وهم يتمّسكون بثوابت الوطن، وقيم ومبادئ الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، إلى تغيير الواقع السيء الذي يطغى على حياة الغالبية الساحقة من أبناء اللواء، فأرسلت العرائض والمذكرات وتمّت مخاطبة المسؤولين من أجل تنفيذ المطالب المشروعة لأبناء اللواء وعلى رأسها تمثيل عادل في مجلس النواب، ولكن كانت حصيلة كل هذه الجهود أن عملت الحكومات المتعاقبة على إقصاء وتهميش وتجاهل أبناء اللواء، ونجحت في إفشال كل الجهود التي بذلها المخلصون من أبناء اللواء من أجل إحقاق الحق وإنصاف اللواء من غبن تاريخي وقع عليه.
وعندما جاءت حكومة سلفكم الدكتور عون الخصاونة وكان على رأس أولوياتها إنجاز التشريعات والقوانين الناظمة للحياة السياسية وفي مقدمتها قانون الانتخاب، فقد علق أبناء اللواء الآمال على تلك الحكومة ولا سيما أن رئيسها القاضي في محكمة العدل الدولية والمدافع في الماضي عن حقوق الهنود الحمر وغيرهم من المضطهدين في هذا العالم سوف يعمل على إنصاف أبناء لواء الكورة، غير أن هذه الآمال سرعان ما تبخرت عندما أعلنت الحكومة عن نظام الدوائر الانتخابية الذي تم بموجبه دمج لواء الكورة ولواء الأغوار الشمالية في دائرة واحدة خصص لها مقعدان، وذلك في استهتار واضح بحقوق وحريات أبناء لواء الكورة التي كفلها الدستور الأردني والمواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وعندما أقر مجلس الأمة قانون الانتخاب فقد بقي لواء الكورة مغبوناً ومهمشاً باقتصار تمثيله بنائب واحد، أما وقد أعاد سيد البلاد القانون إلى مجلس الأمة من أجل إعادة النظر في كثير من الثغرات التي يحتويها القانون، وإيجاد تمثيل أكثر عدالة للمناطق ذات الكثافة السكانية العادلة، فإن ترجمة التوجّهات الملكية السامية تستلزم إنصاف لواء الكورة ولا سيما أنّ لواء الكورة وَفْق كافة المعايير الجغرافية والسكانية والتنموية والتاريخية والاقتصادية والسياسية يجب أن يَمثل بمقعديْن على الأقل في مجلس النواب، وذلك أسوة بالألوية الأخرى في محافظة إربد التي تقل عنه في عدد السكان والممثلة بنائبين أو أكثر.
واليوم والحكومة على وشك التمهيد لإجراء انتخابات نيابية نزيهة، فإنَّ فعالية الانتخابات تكمن في تحقيق أعلى درجات المشاركة والتمثيل الشعبي الواسع، من أجل تعزيز النهج الديمقراطي، لذلك فإن الآمال معلقة عليكم في إنصاف لواء الكورة بتخصيص مقعدين له في المجلس القادم، ولا سيما أن تمثيله بمقعد واحد قد ألحق أضراراً بالغة باللواء، منها فقدان أبناء اللواء الثقة بالحكومات المتعاقبه ونفاذ صبرهم، وعدم اطمئنانهم لما يجري في الوطن وعدم ثقتهم بالمسؤولين الذين يتولون القرار في وطنهم، ولا يعرفون أين يقع لواء الكورة على خريطة الوطن!
ولذا، فإنّنا نأمل من حكومتكم أن تأخذ هذا المطلب الشعبي المشروع بمنتهى الجِدّية تعزيزاً للمسيرة الديمقراطية، والحكم الصالح، وحفاظاً على استقرار وطننا وكرامة شعبنا، وتجسيداً للرؤية الملكية السامية في أن كرامة المواطن وحقوقه هي أولى الأولويات، فهذا الوطن للجميع والكل شريك مساهم فيه، والكل له الحق فيه بوصفه إنساناً حرّاً كريماً، وأبناء لواء الكورة ليسوا استثناءًّ ولا يمكن أن تبقى حقوقهم منقوصة تحت أيّ ذريعة كانت، وبخلاف ذلك – لا قدر الله – فإن مقاطعة الانتخابات النيابية القادمة ستصبح طريقهم المنشود وخيارهم الوحيد، وهذا ما لا نأمله، ولا نسعى إليه.
وأخيراً فإننا ندعو الله أن يحفظ هذا الوطن ، وأن يرزق أهل الكورة من طيبات وثمار ومكاسب التنمية، وقيم العدالة والمواطنة فيه، وأن يهدي الجميع سبيل الرشاد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور محمد تركي بني سلامه
1- نسخة دولة رئيس مجلس الأعيان الأكرم. عضو تجمع أبناء الكورة
2- نسخة معالي رئيس مجلس النواب الأكرم. للإصلاح والتنمية
3- نسخة معالي رئيس الديوان الملكي الأكرم. 1/7/2012