صناعة الأعداء!

تم نشره الثلاثاء 03rd تمّوز / يوليو 2012 11:24 صباحاً
صناعة الأعداء!
خيري منصور

تحتاج النظم السياسية بلا استثناء الى عدو واحد على الاقل وان لم تجده تخترعه. اما النظم الديكتاتورية فهي بحاجة الى اختراع عدوين معا، احدهما خارجي يتآمر عليها ويتبرص بها والاخر داخلي عميل وله صلات بقوة خارجية، وحين كتب صاموئيل هانتجتون عن حاجة امريكا بعد الحرب الباردة الى اختراع اعداء جدد، فعلت ذلك لكن العدو السوفييتي العملاق والقديم جرى تفكيكه الى اعداء صغار هنا وهناك على امتداد خطوط الطول والعرض لكوكبنا.

وهناك امثلة عديدة على صناعة الاعداء التي تلجأ اليها النظم في حالة تأزيمها اما لصرف الانتباه عما يجري في داخلها او لكسب ما امكن من العطف. لكن معظم هذه الامثلة انتهت الى اخفاق مزدوج وخسرت الرهانين معا: الخارج والداخل.

المثال الاسرائيلي يعتبر من النماذج الفاقعة في هذه الصناعة، لان طبيعة التشكل الديمغرافي والسياسي لاسرائيل تتطلب الاستمرار في اختراع الاعداء، بهدف التوتير الدائم للسكان، وتحويل الدولة الى ثكنة.

وحين افرطت التربويات الصهيونية في الالحاح على عدم الخوف بالنسبة للاطفال اليهود كانت النتائج عكسية وباعتراف الكاتبة يائيل ديان ابنة الجنرال موشي ديان ففي روايتها طوبى للخائفين افتضاح سايكولوجي لفوبيا الخوف لدى عدة اجيال من اليهود اما الاعداء الضروريون لاستمرار التوتير وعسكرة الدولة فهم عرب يجاورون اسرائيل وعرب اخرون يطلق عليهم اسم القنبلة الديمغرافية الموقوتة في اسرائيل وهم المليون وربع فلسطيني الذين يعيشون في المناطق المحتلة من فلسطين عام 1948 وحقيقة الامر ان جذر هذه الصناعة وهي اختراع الاعداء هو من صميم الميثولوجيا الصهيونية. فالاخر المسمى جوييم او اممي هو عدو بالضرورة، لكنه قد يكون عدوا مؤجلا او عدوا بالقوة حسب المصطلح الفيزيائي الاخر في هذه الثقافة «الجيتوية» هو خطر دائم، لانه يهدد امتيازات العنصر المتفوق والذي ينسج حوله جيتو حتى عندما يتحول من منظمة سرية الى دولة معترف بها دوليا.

وهناك اسوار وجدران وجيتوهات تعيش وتنمو داخل الكيان البشري سواء تجسد في فرد او جماعات.

فسور الصين تحول بمرور الزمن من الاسمنت والحديد الى سور ذهني. وكذلك جدار برلين قبل ان يتداعى.

وفي اسرائيل ثمة جيتو دائم، لانه تنامى في اللاوعي وتحول الى فكرة، وهذا ما عالجه افي شلايم في كتابه الشهير عن العزلة اليهودية وهو الجدار الحديدي. ورغم المزاعم الديمقراطية للدولة العبرية الا ان نمط ديمقراطيتها كما يصفه يوري افنيري مفصل على قياس اليهود فقط، واحيانا لا يشملهم جميعا لانهم درجات، فالفلاشا مثلا والشرقيون او «السفرديم» هم من يطلق عليهم يهود اليهود.

ان صناعة الاعداء مهنة امبراطورية بامتياز او اختراعهم بشكل موسمي فهو حيلة تلجأ اليها النظم الديكتاتورية! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات