شيكات غير قابلة للصرف

لو أن لدى الحكومات ما تقدمه للإصلاح الشامل، وتوسعة قاعدة المشاركة في صنع القرار لفعلت ذلك منذ طلب منها الأمر أول مرة، وما كنا لنحتاج إلى تكرار الطلب المناسبة تلو الأخرى.
والأمر نفسه بالنسبة إلى مجلس النواب الذي جدد لـ»الصوت الواحد»؛ ما يعني أن الدعوة لمباشرة إصلاح النظام والنظام الانتخابي، تذهب إلى العنوان الخطأ، وحيث لا توجد صلاحيات كافية. والحال يشبه الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد، وعدم تسويتها تدفع الساحبين إلى القائمة السوداء بالبنك المركزي، وإلغاء دفاتر شيكاتهم أيضا.
على ارض الواقع تبقى كل الخطوات عرجاء ما دام بقي قانون الانتخابات يفصل بعيدا عما يحقق الإصلاح والتغيير، وإذ يستمر الغموض حول شكله النهائي فإن المؤشرات الأولية لا تشي بأكثر من تحسينات لن تعالج جوهره المختلف عليه؛ إذ تكمن المشكلة بـ»الصوت الواحد»، وليس بزيادة المقاعد للقائمة الوطنية.
بعد المصادقة الأخيرة على قانون الانتخابات وإعادته في الوقت ذاته إلى الحكومة لتعديله، ساد الانطباع أن «الصوت الواحد» وجد من يهزمه أخيرا، فاستبشر القوم، وانحرفت بوصلة النواب الذين اقروه نحو تأييد التعديل عليه، ومثلهم فعل من أيدهم وامتدحهم من جوقة المطبلين والزمارة، فهل ما زال الأمر نفسه بعد الحديث المباشر عن توسعة القائمة وليس نظام التصويت؟
كذلك فهمت المصادقة وطلب التعديل في الوقت ذاته أنها حفظ لماء الوجه، حتى وإن كان قليلا، وأنها تعبير عن مراعاة الأطراف التي أقرته وترفضه، فهل سيكون كافيا بالنسبة إلى الرافضين توسعة القائمة لتغيير موقفهم؟
الحكومة الآن بصدد إرسال القانون إلى النواب، والأخيرون ينتظرونه الأسبوع القادم بدورة استثنائية، فما الذي تم الإعداد له على وجه الدقة، ما دام أن النواب أنفسهم ليس لهم دخل بانعقاد المجلس استثنائيا؟ وهل سيكونون أحرارا تماما بإرادتهم لسن قانون جديد، بعد أن طلب منهم ذلك طلبا لا يختلف عن أمر؟
توسعة المشاركة بصنع القرار تعني عدم إتاحة مقاطعة الانتخابات، والوصول إلى حكومات برلمانية يعني قبول الجميع باللعبة الديمقراطية، وليس الاستمرار بلعبة شيكات بلا رصيد على رقعة «الموني بولي»، ليظل احتكار السلطة مستمرا. ( السبيل )