الحقيقة الضائعة ما بين وزير المالية ووزير التطوير..!!
أعرف وزير المالية سليمان الحافظ رجل صادق ومهني لا يراوغ ولا يجامل ولا يبحث عن شعبوية على حساب الحقيقة والمصلحة الوطنية، وإن كنّا نختلف معه في بعض سياساته المالية، وهو يقول كلمته دون مواربة، وبالأمس صرّح وزير تطوير القطاع العام في مؤتمر صحافي أن الوفْر المتحقق من بداية العام الجاري عبر هيكلة رواتب وعلاوات القطاع العام بلغ (40%) من نفقات الرواتب والعلاوات، فهل ما صرّح به الوزير صحيح أم منافٍ للحقيقة..!؟
وفي المقابل خرج علينا وزير المالية بُعيد تقلده لمنصبه بأيام بتصريحات احتلت الصفحات الأُوَل في الصحف المحلية قال فيها بأن تكلفة هيكلة رواتب القطاع العام ناهزت الأربعمائة مليون دينار، وكان في حديثه حشرجة مفعمة بشيء من الألم والندم على مشروع حمّل الموازنة العامة المنهكة مثل هذا المبلغ الكبير..!!
ونتساءل ما الذي يريده وزير تطوير القطاع العام، ولماذا نراه دائماً يسعى إلى تجميل الصورة القبيحة لمشروعه النكد، وهل من اللباقة والحصافة أن يزيّن القبيح، ويقبّح الجميل..؟!!
أي الوزيرين هو الصح، هذا ما نريد أن نفهمه، وحتى لا يُقال أن الوزير الحافظ متحامل على الهيكلة، فأود ان أذكّر بتصريحات سلفه أمية طوقان الذي خرج علينا بأكثر من تصريح، ضجراً متذمراً من كلفة مشروع الهيكلة على الموازنة، وكان يطرح رقماً قريباً مما طرحه الوزير الحافظ ككلفة مباشرة للهيكلة في سنتها الأولى، فهل الوزيران الحافظ وطوقان على خطأ وأرقامهما خاطئة، وأن الوزير الخوالدة هو الأصح وأرقامه هي الدقيقة، وأن الهيكلة رفدت الخزينة ودعمتها ولم تُحمّلها أعباء إضافية جديدة..!!؟
نريد أن يُبين لنا وزير تطوير القطاع العام وبالتفصيل كيف وفّرت الهيكلة 40% من نفقات الرواتب والعلاوات، ونريده أن يقنع وزير المالية أيضاً بهذا الوفر الذي يزعم أن تحقّق، فهل يملك الوزير الخروج على الرأي العام بأرقام وتفاصيل حول ما ذهب إليه من تصريحات.. أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة تجميل لمشروع دميم لن تجدي كل جراحات التجميل لتحسين صورته ووجهه الحقيقي القبيح..!!
ليس عيباً أن يعترف الوزير الخوالدة أن مشروع الهيكلة كان عبئاً ثقيلاً على الدولة،، وهو يعلم كم من التنازلات والاسترضاءات لشرائح عديدة من موظفي الدولة رافقت تطبيق هذا المشروع مما يتناقض مع مبدأ العدالة الذي كان الهدف الأسمى للهيكلة، ولا تزال هناك فئات من قطاعات نقابية من موظفي الدولة غاضبة، تشكو وتطالب وتعتصم..!!
سلبيات الهيكلة وسوءاتها كثيرة، بعضها ظهر وبعضها الآخر ما زال مخفياً، والقادم أعظم، ولعلي سأسلط الضوء في قادم الأيام على قضايا مهمة بدأت تتكشّف مما كنّا نحذّر منه حكوماتنا الموقرة كنتائج وتبعات خطيرة للهيكلة، وعلى الوزير المحترم أن يعلم أنني لن أتركه، فليست معركتي مع الهيكلة شخصية كما قد يتصور البعض، ولست ضدها من حيث المبدأ، ولكني كنت ولا زلت ضد الاعوجاج والانحراف الذي شاب عملية التطببيق، وهي معركة نديرها للصالح العام، لا للصالح الشخصي، ولقناعتي بأن المسؤول الذي يخطيء ويتحمّل الوطن كلفة خطئه لا بد أن يُحاسب ويُعاقب ويُعزلْ..!!