لا تجعلوا السلط على صفيح ساخن

تخطئ الأجهزة الأمنية إن هي ظنت أن عشائر السلط ستظل منقطعة الصلة، ومتفرجة على ما يجري لأبنائها من تنكيل، لمجرد أنهم محسوبون على التيار السلفي.
صحيح أن المجتمع السلطي لا يتعاطف جدا مع ممارسات شباب السلفية الجهادية الأخيرة، المتعلقة بالاعتراض العنيف وحرق الإطارات وإغلاق الطرق، كما أنهم يختزنون في ذاكرتهم القريبة جريمة قتل قام بها سلفيون بحق شاب من عشائر المنطقة.
لكن في المقابل، هناك حساسية سلطية مفرطة من مشاهدة الدرك بين البيوت يطاردون الشباب، ويضربون من توفر لهم، ويلقون القنابل المسيلة للدموع كيفما اتفق.
اجتماع الوجهاء والأهالي الذي كان أول أمس لم يخل من الغضب والاحتقان، ولا سيما من قبل الشباب غير المنتمي للتيار؛ فممارسات التعذيب وانتهاك الشوارع استفزت الناس، والسلط كما تعرفون غضبتها مؤلمة.
ثم تجيء قصة الحدث «ليث القلالوة» المفجعة، التي تستفز كل المشاعر وتصعّد منسوب الغضب والاحتقان، واحتمالات المواجهة لا سمح الله.
هذا ناهيك عما يتسرب من روايات يتداولها أهالي الموقوفين عن تعذيب وانتهاكات جنسية لا تهم صحتها، بقدر اهتمامنا بأثرها في توتير الأجواء، وجعلها قابلة للدخول في نفق معتم.
وعلينا أن ننتبه هنا إلى أن تعامل الأمن مع شباب السلفية الجهادية يكون دائما عنيفا ومهينا، وفيه روح انتقامية لمسناها منذ حادثة الزرقاء الشهيرة.
الاستنتاج الامثل هنا أن الدرك «الحل الأمني» غير قادر على حل الأزمة، لا بل هم سيزيدون من تعقيدها، وقد يدخلون السلط بتفصيلاتها كافة في جوهر التوتر.
سلفية السلط، وضمن السياق العام للسلفية الجهادية يملكون تعقلا من نوع ما، وقد بدأنا نلمس ترجرج هذه العقلانية في الآونة الأخيرة، وما نتمناه ألا ندفع بالعقلانية النسبية هذه نحو التلاشي.
من هنا أرى أن الحل التفاوضي يبدو مناسباً؛ وعليه يجب على كبار ووجهاء السلط وهم كثر ومحترمون في مجتمعهم وخبراء أيضا في مثل هذه المواقف، أن يتدخلوا لينزعوا فتيل الأزمة قبل تفاقمها.
يجب عدم وضع السلط على صفيح ساخن، فالبلد كلها تموج بالغضب والاحتقان وعدم اليقين، لذلك فلنتريث ولنقدم العقلاء على غاز الدرك المسيل للتماسك.( السبيل )