يوم تاريخي مشهود في ليبيا

تم نشره الأحد 08 تمّوز / يوليو 2012 01:20 صباحاً
يوم تاريخي مشهود في ليبيا
د. رحيّل غرايبة

شهدت ليبيا أمس انتخابات عامة، لتشكيل المؤتمر الوطني لمدة عام وثمانية شهور؛ من اجل القيام بالاشراف على ادارة المرحلة الانتقالية، التي يتمّ فيها تشكيل حكومة مؤقتة، ووضع الدستور الجديد والقوانين المنظمة للحياة السياسية الجديدة.

من كان عمره دون (21) عاماً في عام 1964، وهي آخر انتخابات عامة أُجريت في ليبيا، لم يشهد أي نوع من الانتخاب، بمعنى من كان عمره (69) سنة فما دون ليس لديه أي فكرة عن التجربة الانتخابية، فهذا إنْ دلَ على شيء، انما يدلّ على مقدار الانحطاط الذي وصل اليه الانسان العربي في ظلّ هذه الانظمة التي أتقنت فن الشعارات الثورية والقومجية، التي استطاعت تخدير الشعوب لبرهة من الوقت، ولكنها أصبحت معزوفة مخروقة وممجوجة بلا أدنى قيمة.

هذه المرحلة التي تمّ فيها تجريد الانسان العربي من ارادته، وهدر كرامته، ومصادرة حريته، والاستيلاء على قوته وقوت أولاده، تحت تمثيلية مقاومة الاستعمار والامبريالية، على الورق ومن وراء الميكروفونات، وهم غارقون في أحضان الاستعمار ليلاً، تلك مرحلة أفرزت أمة مفككة بلا مشروع حضاري، وبلا رسالة، وبلا هدف سوى مطاردة الاحرار وأصحاب الكلمة الجريئة، وزجّ المعارضين في السجون، وتعليق المفكرين على اعواد المشانق، والتّهم جاهزة في كل وقت وفي كل حين.

تختصر المرحلة مدرسة أحمد سعيد الجوفاء، التي اتقنت فن الخطاب الثوري، الذي يقتصر على المصطلحات الكبيرة، ولكنها خالية من اي مضمون، وبلا أي مساس بالواقع، وللأسف هذه المدرسة قائمة ومستمرة، ولها أتباع ومنظّرون، أتقنوا دغدغة العواطف، و فن ممارسة اتهام الخصوم بالعمالة والخيانة، لكل مَن يحاول حمل مشعل اليقظة والتمرد على الطغاة المستبدين، الذين استرقوا العباد وأظهروا الفساد في البلاد.

عندما تصبح الشعوب حرة مطلقة الارادة، فقد وضعت اقدامها على الطريق الصحيح، حتى لو كان طويلاً و صعباً، وربما تكون الانتخابات الاولى تجربة غير ناضجة، ويكتنفها كثير من الثغرات والاخطاء، ولكن ليس هناك طريق غيرها، وفي التجارب القادمة سوف يتحسن الاداء، وتنضج التجربة وتزداد مساحة الوعي الجماهيري ويتحسن الاداء في الفرز والاختيار، بناءً على امتلاك القدرة على المقارنة بين الانداد، من خلال مشاهدة الافعال والاحساس بالانجاز.

اعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية صحيحة، يحتاج الى مشاركة شعبية واسعة، وتعاون جاد بين المكونات المجتمعية على إعلاء شأن الوطن ومصلحته العليا، فوق كل مصلحة حزبية أو فئوية أو جهوية، وهذا يحتاج الى ثقافة احترام الاخر والكفّ عن ثقافة المهاترات وثقافة الردح الثوري، ومنهج التفكيك والتفرقة، واحتكار الصواب والوطنية والاخلاص للبلاد، مثل كل الشعوب المتحضرة التي استطاعت التحاكم الى صناديق الاقتراع النزيهة. ( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات