الأزمة الداخلية في الإخوان

الجماعة بحاجة إلى إفراز حالة توافق داخلية على البرنامج السياسي
أثارت مقالات الزميل الكاتب د.رحيل الغرايبة في "العرب اليوم" نهاية الأسبوع الماضي الاهتمام، وسلطت الضوء على الدرجة التي وصلت إليها الخلافات أو التباينات في الرأي داخل جماعة الإخوان المسلمين، وأطلقت مجموعات من النقاش الإعلامي والسياسي.
وقد تجاوزت الخلافات الداخلية ما بات يعرف بالحمائم والصقور، وكذلك مدى درجة الاقتراب أو الابتعاد عن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى ما بات يعرف بالخلاف حول البرنامج الوطني الأردني ، والتباين في وجهات النظر السياسية التي لم تحسم منذ سنوات.
ويبدو أن درجة "النكاية" ومحاولة استفزاز الطرف الآخر داخل جماعة الإخوان المسلمين وخارجه أصبحت أسلوب عمل معتمدا ، لكن لا بد من الاعتراف بأن الصوت الذي "دبّه" د. الغرايبة يعني أن هناك "حراكا" يطالب باعتماد آليات جديدة للعمل داخل الجماعة من خلال أطر تقوم على الديمقراطية والإصلاح والتغيير وتوسيع المشاركة التنظيمية في صنع القرار .
وهذه بالمناسبة الأسس نفسها التي تطالب بها الأحزاب من الدولة، فإذا أراد حزب سياسي أن ينتقد الدولة ويطالبها بمزيد من الانفتاح والديمقراطية فلا بد أن يكون هو نفسه لديه ما يطالب به وأنه لا يمارس الأسلوب الإقصائي .
ويتركز النقاش خارج "الجماعة" وداخلها حول المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة،وهل ستشارك الجماعة أم تقاطع ؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من التأكيد على أن الجماعة بحاجة إلى إفراز حالة توافق داخلية على المشاركة أو المقاطعة،لأن أيا من الاحتمالين لا يمكن المباشرة به دون وجود حالة توافق "إخواني" داخلي.
والمعروف أن حالة من الفوران الداخلي موجودة في أطر الجماعة وخاصة في صفوف الشباب الذين بدأوا يستعملون الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي في بث أفكارهم، ومنهم من هو "متشدد" وله مطالب سياسية لا تجد هوى داخل الجماعة، ومنهم من يتحدث عن الديمقراطية واحترام الرأي الآخر ويطالب بالإصلاح والتغيير الداخلي .
فالإخوان في الأردن مطالبون بحسم الكثير من القضايا العالقة وأولها الموقف من قرار فك الارتباط الذي سبق وحسمته الجماعة باتجاه أنه"أمر واقع لابد من التعامل معه"، وهذه نقطة بالغة الأهمية وهي أساس للبناء عليها، لكن تصريحات نائب المراقب العام زكي بني ارشيد في cnn أطلقت مخاوف جديدة في المجتمع الأردني عندما قال "الحركة الإسلامية متوافقة على رفض قرار فك الارتباط".
وهم مطالبون أيضا بوضع تطمينات للمجتمع الأردني في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والدينية كافة ، وعدم الانجرار وراء التجربة المصرية التي أخافت الآخر نتيجة"النهم" والسعي المتواصل إلى السلطة واقتطاع أكبر كمية ممكنة من الكعكة.
يجب الاعتراف أولا بأن الدين هو مشروع حضاري وليس مشروعا للوصول إلى السلطة والتحكم بها، وإذا أردنا النجاح في السياسة فيجب أن تكون بعيدة عن الخلط بالدين، وعدم اللجوء إلى "المواربة أو التقية " ،وهذه هي تجربة الأتراك الذين باعدوا بين الاثنين وركزوا على الإدارة المدنية للدولة فكان نجاحهم فيها باهرا .
والخوف من أن تتوه البوصلة إلى ما تم الجمع بين السياسة والدين. ( العرب اليوم )