تحية للخدمات الطبية الملكية
اعتاد الضباط خلال خدمتهم العسكرية على إصدار الأوامر والتعليمات والانتقادات، سواء كانت هذه الأوامر والتعليمات والانتقادات مستمدة من القانون، أو من المزاج الشخصي للضابط، وبإجبار الأفراد على التنفيذ، مستمدين من القوانين العسكرية العرفية قوتهم وسطوتهم، فالعرف العسكري مبني على قاعدة سلوكية مفادها الأمر والحكم للأقدم ولو برقم واحد، وأيضا مبني على قاعدة آمرة مضمونها نفذ ثم اعترض، وسلوك الضباط القائم على إصدار الأوامر، سلوك يصعب تغييره وخصوصا بعد ترك هؤلاء الضباط للخدمة العسكرية، فتبقى نزعة إصدار الأوامر مسيطرة على سلوكياتهم، ويطبقونها في كل نواحي حياتهم، سواء في المنزل، أو على الأبناء، أو الأصدقاء، وحتى لو دخل احدهم المسجد ستجده يقول افتحوا الشبابيك، أو أغلقوها إذا كانت مفتوحة، أو حتى إذا كان مستعجل لأمر ما، يهيب بالمؤذن بقوله أقم الصلاة أقم الصلاة، وكأنه في معسكر.
وهذه النزعة بإصدار الأوامر والتعليمات والانتقادات، مشتركه بين الضباط و "الختياريات " من الأمهات والجدات، فهن أيضا لديهن من القرارات القطعية، والتعليمات الصارمة، والانتقادات اللاذعة، ما يفوق تأثيره على بيئة المنزل، الأثر المماثل في المعسكرات، والثكنات العسكرية.
فمن غير المعقول أن تكون هناك "ختياره " في المنزل، لا يمر لها يوم بدون انتقاد، أو ملاحظة، أو حتى بهدله، تشمل الكبير والصغير في المنزل، بسبب أو بدون سبب، وخصوصا إذا رأت ما لا يسرها.
وفي الحقيقة هذا الأمر اعتاد علية غالبية الناس، وأصبحوا يتأقلمون معه، وفي الحقيقة أن والدتي كانت بضيافتي لفترة الأسبوعين التي تخللت مراجعتها لعيادات العيون التابعة للمدينة الطبية، بعد صراع مع ضعف النظر الشديد لعدة أشهر، فكانت والدتي "الختياره " مسالمة جدا، ولم تقم بإصدار أي أمر أو قرار أو انتقاد، وبعد أن أُجريت لها عملية إزالة الماء الأزرق، وزراعة العدسة بنجاح، على يد الدكتورة جانيت بيك رئيس قسم العيون في المدينة الطبية، والدكتورة رانيا بيك، واللتان لهما جزيل الشكر، ولكل فريق عملهم، الذين اثبتوا أنهم فريق ناجح ومميز، ولا استثني من دائرة العيون أحدا أبدا، وبعد تماثل والدتي "الختياره " للشفاء، بدأت تمازحنا بالانتقادات التي لا تستطيع بفطرتها السكوت عنها، بعد أن أصبحت ترى بعض الأخطاء التي يجب تصويبها في المنزل، وتتوعد أنها في الزيارات اللاحقة سيكون لها معنا كلام وتصرف آخر، إن لم نلتزم بالأوامر والتعليمات التي اعتبرت أنها كانت تغض النظر عنها.
فبفضل من الله تعالى، ومن ثم بسبب خدمة الخدمات الطبية الملكية، متمثلة بدائرة العيون، وعلى رأسها الدكتورة جانيت بيك، والعرفان والتقدير للدكتورة رانيا بيك، عادت الأمور إلى طبيعتها، ودخل السرور لأنفسنا باستعادة والدتي "الختياره " لنظرها، و الحمد والشكر لله تعالى.