شربل يكتب الأردن والنار والربيع

تم نشره الإثنين 09 تمّوز / يوليو 2012 04:57 مساءً
شربل يكتب الأردن والنار والربيع

المدينة نيوز - كتب غسان شربل  في صحيفة الحياة اللندنية عن وضع الاردن في ظل الازمة السورية وتاليا نصه :

فاجأت الأزمة السورية الدول المجاورة. فاجأتها باستمرارها وعمقها ومشاهدها المروّعة وأخطارها وحجم ضحاياها. كانت الدول المجاورة تعتقد أن النظام السوري صارم ومحكم ومستقر. وأن القلعة التي يزيد عمرها على أربعة عقود لن تسمح للعاصفة ان تهب من داخلها وتتلاعب بحجارتها. نام النظام على حرير الاعتقاد انه قادر على «وأد الفتنة في مهدها». روّج دائماً ان التهديد يأتي من الخارج. ويأتي في صورة «مؤامرة» لمعاقبة النظام على نهجه الممانع. لم يحسن الالتفات الى الأجيال الجديدة التي سارعت الى رفض القاموس القديم. راهن على مواقفه الثابتة في الخارج وراهن على الآلة الأمنية الصارمة في الداخل. لم يلتقط أن الحزب تقاعد بعدما نخرته شبكات الأمن والمصالح. وأن التقارير عمقت المسافة بين الناس ومركز القرار.
بالغ النظام في الرهان على عائدات السياسة الخارجية. عائدات النجاح في المساهمة في إفشال الغزو الأميركي للعراق. وعائدات النجاح في استيعاب الاضطرار الى سحب القوات السورية من لبنان في ختام أطول وحدة عربية إلزامية. وعائدات النجاح في العودة الى الساحة الدولية بنصائح تركية ودعم قطري ومشاركة فرنسية وتشجيع سعودي. قطف النظام النجاحات وامتنع عن تسديد الأثمان المطلوبة في الخارج والداخل معاً. وكانت الأثمان المطلوبة هي قدر من الاعتدال في الخارج وقدر جدي من الانفتاح في الداخل. لهذا اندفع النظام الى مواجهة عاصفة الاحتجاجات بعدما خسر صمامات الأمان التي كانت توفرها له علاقاته بعواصم الاعتدال في الإقليم وخارجه.
سورية لا تشبه تونس. ولا تشبه ليبيا. ولا يمكن عقد المقارنة مع مصر. تركيبتها مختلفة وحساسة ونظامها مختلف وموقعها أيضاً. سورية شديدة الارتباط بشرايين الدول المجاورة لها. نارها تنذر بالفيض. للتغيير فيها أثمان كما للحرب الأهلية الطويلة.
في ليل عمّان تهجم عليك المشاهد السورية. قاسية وجارحة وخطرة ومحزنة.
والأردن محكوم أيضاً بالتعايش مع الحريق السوري ومع «الحراك الشعبي» في شوارعه. لكنك لا تشعر في عمّان بأن البلد موعود بانهيار. لم تسقط السلطات الأردنية في إغراء القمع. لم تسمح بتحويل نهارات الجمعة الى أيام منجبة للجنازات. لم تخاطب المحتجين بالرصاص ولم تعتبرهم عصابات مسلحة.
التقطت السلطات الأردنية رسائل الشارع، أو بعضها على الأقل. حاولت تحويل المشكلة الى فرصة. اعتبرت ان الرد على رياح «الربيع العربي» يكون بالذهاب أبعد في الإصلاح السياسي الذي نجحت قوى من داخل النظام في لجمه في السنوات الأخيرة. اعتبرت أن الحديث عن مكافحة الفساد يجب أن يترجم عملياً وأن المؤسسات يجب أن تحظى بالحصانة وأن يتسم عملها بالشفافية. رأت ان المخرج من غليان الشارع يكون بترك الأردنيين يقولون كلمتهم في انتخابات نزيهة وشفافة. تتعامل مع «الإخوان» بوصفهم جزءاً من النسيج الوطني. تحاول استدراجهم الى المشاركة في الانتخابات من دون السماح لهم بإملاء قواعد اللعبة وبما يفوق حجمهم التمثيلي.
في مكتب الملك عبدالله الثاني يسمع الزائر أن قرار الإصلاح نهائي ولا عودة عنه. وأن الانتخابات المرجحة في نهاية العام ستكون نزيهة وشفافة. ويسمع الزائر كلاماً مشابهاً في المواقع الأخرى المؤثرة. ويخالط الكلام على الربيع كلام على الوضع الاقتصادي الصعب وتقدير للدور الذي لعبته السعودية في السنوات الأخيرة في منع الاقتصاد من الاختناق.
عمّان تنتظر. لكنها تنتظر في ظل حكومة قادرة على الاجتماع ومؤسسات عسكرية وأمنية متماسكة، وفي ظل اقتناع الأردنيين بأن إصلاح النظام ضروري وبأن إسقاطه غير وارد، لأنه مجازفة تفتح بوابات التفكك والحرب الأهلية. في المقابل الانتظار اللبناني مفتوح على الهاوية.
كان خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في عمّان يزور ويستقبل. ذهبت اليه. اعتدت في السنوات الماضية على زيارته في دمشق. غيّر الربيع العربي أشياء كثيرة. وصار باستطاعة مشعل أن ينام في عواصم عدة.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات