أجندة أردنية " و"أجندة فلسطينية"

تم نشره الثلاثاء 10 تمّوز / يوليو 2012 01:05 صباحاً
أجندة أردنية " و"أجندة فلسطينية"
لميس اندوني

مرة أخرى يعود الحديث عن هيمنة الأجندة الفلسطينية على الأجندة الأردنية في ضوء الانتقادات التي وجهها رحَيل غرايبة إلى قيادة الإخوان المسلمين واللغط والتحليلات التي رافقت زيارة القيادي الحمساوي خالد مشعل إلى عمان.

وبالرغم من أن الغرايبة تحدث عن رفضه لما وصفه بالتناقض المصطَنع بين القضايا الأردنية الداخلية وقضية تحرير فلسطين، فإنه وكالعادة تزايد ظهور الاصطفافات الإقليمية بين حديث عن "أردنة" تنظيم الإخوان وبين حديث عن هيمنة الاتجاه الحمساوي الفلسطيني على التنظيم.

نتمنى أن تحل جماعة الإخوان الخلط والتباينات الحاصلة لديهم دون صب مزيد من الزيت على نار النعرات أو المخاوف التي تباعد بين أبناء البلد الواحد من أردنيين من أصل فلسطيني وأردنيين، ففي هذا ضرر للقضيتين معاً.
نفهم إلى درجة ما، انتقادات رحيل غرايبة، من منطلق حرصه على أن لا يؤثر التقارب بين الأردن وحماس والتفاهمات بينهما-(هذا إذا كانت هناك أي تفاهمات) على قرار الجماعة بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة والموقف من السياسات الحكومية بشكل عام.

فالموقف يجب أن ينبع من متطلبات المرحلة وتجاوباً مع المصالح الشعبية وليس استجابة إلى تكتيكات أو أهداف سياسية تستفيد منها حركة حماس، لو سلمنا جدلا بوجود مثل هذه الأجندة؛ وهنا أشدد على أن نفس الشيء ينطبق على حركة فتح والسلطة الفلسطينية ، وأي تنظيم فلسطيني له امتدادات في الأردن.

ولكن في نفس الوقت نخشى أن الجدل القائم سيؤثر سلبا على اللحمة الوطنية وقد يعَمِّق الشكوك المتبادلة، في وقت تتفاقم الأزمة الاقتصادية والسياسية، وبالتالي يتأجج التوتر الاجتماعي.

إن من أسوأ ما حدث ويحدث في الأردن أن تصبح القضية الفلسطينية، وهي قضية عربية إنسانية بامتياز، مصدر فرقة وتفريق، وعداء واستعداء، بينما هي قضية وحدة وتجميع.

لأن أي أجندة إن كانت أردنية أو فلسطينية، لا فرق هنا، تضر بجوهر القضية الفلسطينية، لن تخدم الأردن ولا فلسطين.

المشكلة أن كل هذا الكلام يجب أن يكون من البديهيات، ودون أن تكون حاجة لكتابته أو قوله.

ولكن المشكلة أيضاً أنه لو كانت هناك ضرورة لتقارب حمساوي أو فتحاوي مع الأردن الرسمي، وهو أمر مرحب به على أسس وطنية، فيجب أن لا ينعكس هذا على علاقة المواطنين ببعضهم بعضاً، وأن لا يغذِّي الشك بينهم.

إن حل إشكالية العلاقة الأردنية - الفلسطينية، داخل الأردن يجب ألا يتأثر أو يتقلب تبعاً لأزمات داخل أي حركة أردنية – سواء لها امتدادات فلسطينية، أو لديها قاعدة شعبة، بين الأردنيين من أصل فلسطيني.
فالأساس يجب أن يكوم مبنياً على احترام حق العودة، الذي لا يقسط بالتقادم، وعلى احترام حقوق المواطنة.

هنا أستعمل كلمة المواطنة بمفهومها كركن من أركان الدولة المدنية، سواء في الأردن أو في فرنسا، وكمفهوم يعتبر شرطاً ضروريا للانتقال من الدولة الريعية إلى الدولة المدينية المنتجة.

فلو تعاملنا مع بعضنا بعضاً كمواطنين، متساويين في الحقوق والواجبات، نستطيع حل الكثير من الإشكاليات، وأنا لا أتحدث فقط عن حقوق الأردنيين من أصل فلسطيني، بل أيضاً عن واجبهم كمواطنين في تبني واتخاذ قرارات في صالح تقَدم الأردن واستقلاله,
ففي رأيي أن الوعي والإحساس بالمواطنة هو ما سيدفع الأردني من أصل فلسطيني والأردني على السواء، إلى المشاركة في الحراك السياسي من أجل أردن أفضل؛ لأن هذا القرار أولا لا يخضع ولا يمكن أن يخضع لأي جهة خارجية، وثانياً لأن واجبات المواطنة لا يمكن أن تتناقض مع الالتزام بالقضية الفلسطينية، التي تتطلب شعوبا عربية حرة الإرادة؛ ولأن الالتزام بالقضية يعني رفضاً قاطعاً للتوطين .

عودة إلى موضوعنا الأساس، فأن من الضروري التنويه أن الدكتور رحيل غرايبة لم يقل انه ضد الالتزام بالقضية الفلسطينية، لكنه ضد ما يراه التزاما بمواقف تتطلبها مصالح فصيل محدد، والتي يراها هو متناقضة في هذه الحالة مع متطلبات مرحلة الحراك الشعبي الأردني الإصلاحي في الأردن.

لكننا نقول للدكتور غرايبة، ومع فهمي لمقصده، وليس بالضرورة موافقته أو معارضته، إنه قد فتح جدلاً قد يزيد من نظرة الشك والريبة إلى أي أجندة فلسطينية وطنية تتناقض مع الأجندة الأردنية الوطنية.

إن أي فتح لموضوع العلاقة الأردنية الفلسطينية، سواء مع المنظمات الفلسطينية، أو بين أبناء الأردنيين تثير حساسيات، يجب تناولها بحذر شديد، فعلى قادة الإخوان حل أشكالهم وخلافهم وطبيعة علاقتهم دون الزج بنا جميعاً في صراع الهويات . ( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات