نحن والمؤامرة المستمرة!

لم يكن موقفنا من الأحداث الكارثية في سوريا حالة من «النأي بالنفس» أو توظيفاً مالياً لموقف سياسي، فالخيارات الأردنية في قضايا قومية كما في العراق والآن في سوريا، وقبلها في لبنان، هي خيارات نفهمها فيما بعد، كما صرنا نفهم سياسة الملك المؤسس في فلسطين، وأهداف دعوته إلى سوريا الكبرى!!.
الراقصون على حبال الكوارث القومية يوظفون كل شيء لمصلحة «إنتصاراتهم» التي تنتهي دائماً بأيارات، وحزيرانات وتشرينات كثيرة مؤلمة، والآن صرنا نمرُّ على لواء الأسكندرون السليب فنقرؤه السلام، وصرنا نتمنى أن تنتهي جراحات سوريا بوحدة الأرض والشعب.. وقد كنا حملة راية الوحدة من المحيط إلى الخليج!.
الخطة الصهيونية التي تحدث عنها بالتفصيل روجيه جارودي.. ولم تخفها مراكز الأبحاث الإسرائيلية كانت واضحةً منذ عام 2000، وهي تجزئة المنطقة المحيطة والمؤثرة في إسرائيل على أساس طائفي وعنصري وديني لتكون إسرائيل ـ وطن اليهود ـ جزءاً منسجماً معها فكيانات الشيعة والسنة الدروز والعلويين والإسماعيلية والأكراد والتركمان، وإقليميات الكيان الصغير غير القابل للإنقسام، كيانات لا أسباب فيها لمعاداة إسرائيل والصهيونية، وإنما يحدث العكس إذ تجد بعضها في حمأة الصراعات أنها مدعوة للتحالف مع إسرائيل!!.
سوريا الآن في حالة حرب دموية حول بؤر الطوائف. ولعل تحذير وزيرة الخارجية الأميركية لها من هجوم كبير، لا يعني هجوماً أميركياً يبلغ العجز والغباء في قيادة النظام الإجرامي حدَّ الرد عليه بمناورات بحرية وارضية وجوية على طريقة المناورات الإيرانية، والجميع يعرف أنها ليست أكثر من تنشيط خلايا العدوان الدموي على الشعب، وصفير الخائف في الليل!..
وقفنا إلى جانب كل قطر عربي يتعرض وتعرض للتقسيم الطائفي، والعرقي.. وللعدوان الأجنبي ودفعنا الثمن غالياً ونعود الآن إلى مواقفنا المبدئية من القضية السورية ليس «لننأى بالنفس» على الطريقة اللبنانية، وليس لإننا نخاف من الطاغية، وإنما لإننا نعرف حجم معاناة الشعب السوري، فالمشاركة في البقاء إلى جانب المستنقع كالخوض في مياهه العفنة ويكفي أن يفهم الأردنيون معنى الصمود القومي الحقيقي في كيانهم الوطني ليكونوا قدموا لإهلهم في الشمال، شيئاً ثميناً يبلسم الجراح، ويبعث في النفوس الكبيرة الأمل!. ( الرأي )