عودة البرلمان المصري

قرار رئيس الجمهورية المصرية بعودة مجلس الشعب للانعقاد قرار تاريخي ومهم وله عدة أبعاد بعضها شائك ومعقد، وبعضها يعد تصويباً لوضع خاطئ ووضع حد لمخطط ماكر لإجهاض الثورة والانقلاب على منجزاتها.. أما الجانب الشائك فيتمثل بالأزمة الحادَّة والمعقدة بين مؤسسات الدولة المتمثلة برئاسة الجمهورية والمجلس العسكري والمحكمة الدستورية، ويبدو ان هذه الازمة معرضة للتفاقم الذي قد يفضي الى اشعال جذوة الصراع بين مؤسسات العهد القديم، ومؤسسات العهد الجديد، وهي صورة ضبابية غير واضحة المعالم، ولكن لا بد مما ليس منه بدّ، لأن رئاسة الجمهورية بلا صلاحيات هي وعدمها واحد. والبعد الاهم هنا المتمثل بقدرة رئيس الجمهورية على تصويب المسار وإعادة صلاحيات الرئيس المسلوبة، وإعادة الهيبة للموقع الذي يمثل سيادة الدولة ورمزيتها، خاصة وان الرئيس جاء الى موقعه عبر صناديق الاقتراع التي تعد مصدر الشرعية العليا باعتبارها سلطة الشعب التي تعلو كل سلطة داخل حدود الدولة، بما فيها القضاء والعسكر. إن التصعيد المحتمل من جهة القضاء والمحكمة الدستورية ينذر بالشرر المتطاير الذي قد يفضي الى اشعال المشهد المحلي، وتبديد الجهود في معركة داخلية طاحنة سوف ترتد بآثار وخيمة على الشعب المصري كله، وعلى مستقبل العملية الديمقراطية الوليدة، ومن هنا ينبغي التفكير بحل قانوني دستوري متوافق عليه، واعتقد ان عودة المجلس بقصد الاجتماع للتداول في الاجراءات واجبة التطبيق لقرار المحكمة الدستورية، والدعوة لانتخابات مبكرة الذي اعلنه الرئيس خلال شهرين ربما يكون هو المخرج، إعمالاً بمبدأ الفصل بين السلطات وعدم تغول سلطة على أخرى فمجلس الشعب يملك قرار حل نفسه بنفسه ولا يجوز لأية سلطة اخرى ان تحله.
اما البعد الذي يعنينا نحن بدرجة اكبر ان هذا القرار جاء لوضع حد لتخرصات بعض المحليين السياسيين الذين ربطوا نجاح الرئيس مرسي في هذه المعركة التنافسية الصعبة بمقعد الرئاسة بصفقة مع المجلس العسكري!! ثمنها حل المجلس مقابل مقعد الرئاسة، ولكن هذا التحليل الذكي لم يصمد اسبوعاً واحداً، والذي استمتع بتداوله الحسّاد والخصوم لبضعة ايام. سوف تكشف الايام القادمة عن مزيد من الحقائق، وسوف يكون الشعب المصري والشعوب العربية امام استحقاقات كثيرة وعديدة، وامام ملفات معقدة، تحتاج الى تبصر وحسن تأنٍ ومزيد من الحكمة والخطوات المدروسة بعناية ودقة واستعانة بجمهرة من فقهاء القانون الدستوري المخلصين لأمتهم ووطنهم وبعيدين عن شبهة المنفعة، كل البعد . ( العرب اليوم )