ليبيا تجتاز الحلف الأطلسي والمال النفطي!

نزعم أن الحديث فيما «يفتح النفس» أوجب على المتحدث والسامع فقد سئمنا صور حمامات الدم، ولم يعد هناك كلام نقوله في جوع ربع مليون طفل يمني لم يتنبه إليهم أحد في ربيع اليمن، أو تهجير مئات الآف السوريين من مدنهم القديمة لينتهوا أو لينتهي بعضهم في خيام تركية أو لبنانية أو أردنية!!
أخبار ليبيا «تفتح النفس»، فقد جرت في البلد الشقيق انتخابات، وكأنها انتخابات بلد يمارس الديمقراطية منذ نصف قرن، ولم يكن فريسة ديكتاتورية عمياء، جعلت من بلدٍ منتج للنفط بلداً فقيراً، ومن كيان مناضل وشعب طيب إلى كيان ميت لا صوت فيه إلا صوت الأخ العقيد، ولا شعب فيه غير شعب يتفرج على مأساته!!.
تنتخب ليبيا أول مجلس تشريعي، ويشهد مراقبون إفريقيون وأوروبيون وأميركيون أنها انتخابات محترمة، رغم منغّصات برزت هنا وهناك حاول المنغصون تشويه وجهها الجميل، لكنهم فشلوا أمام إرادة الحياة والحرية.
حسب دراسات أولية لنتائج الانتخابات نظن أن الليبيين تفوقوا على جيرانهم في مصر وتونس. فمصر وقعت في أحابيل الحزبية التي صارت أكبر من الوطن، وتونس أبقت قوى كثيرة خارج إطار العملية الديمقراطية، مما أبقى الشارع يشكل ازعاجاً للأحزاب الثلاثة التي فازت بأكثر الأصوات الانتخابية، ولم تحسب حساب عنصر الوقت الذي يحتاجه العهد الجديد لترتيب أوضاع بلد يعاني من تفاقم الوضع الاقتصادي والمعاشي، وتختل فيه المفاهيم العامة للحكم الراشد!!.
الليبيون لم يقفوا طويلاً أمام دور طائرات الحلف الأطلسي في الإطاحة بالقذافي ونظامه، فقد بقي هذا الدور بعيداً عن الأرض، ولم يجد من يسعى إليه بحثاً عن الحكم.
والليبيون لم تغرهم الأموال العربية.. ربما لأنهم هم أيضاً يملكون نفطاً مربحاً قريباً من أسواق أوروبا، فالمؤشرات تعطي لأنصار المجتمع المدني في مقاعد الجمعية الوطنية أكثرية مريحة، رغم أن الزعيم القومي د. محمود جبريل دعا في أول تعليق له على نتائج الانتخابات إلى تأليف حكومة ائتلاف وطني تتوحد جميعها تحت راية واحدة، وتصيغ دستوراً جديداً، وتفتح أمام الشعب الطيب فرصاً خضراء يستحقها.
لا أطلسي، ولا مال نفطي، وإنما عزيمة وطنية تضع اللبنات الأولى لدولة ديمقراطية حرّة كريمة!!. ( الرأي )