عن الأمني والسياسي في الأردن

قبل اشهر قليلة استضافت محطة رؤية التلفزيونية «زكي بني ارشيد نائب المراقب العام للاخوان المسلمين وانا» في حوار على خلفية الاعتداء على مقر جبهة العمل الاسلامي في المفرق.. اذكر وقتها ان «أبا أنس» رفض توجيه أي اتهام للحكومة انذاك مكتفيا بادانة الاطر الامنية ووقتها كان الحوار بين الحكومة والحركة الاسلامية يعلم بتفاصيله مرار الطريق واذكر ايضا انني قلت وعلى الهواء للاستاذ بني ارشيد ان التقاليد السياسية في الدول الديمقراطية تقتضي ان يحاسب المستوى السياسي ان ارتكب المستوى الامني خطأ ما ورفض الصديق توجيه اية انتقادات للحكومة وقتها مكتفيا بانتقاد الامن..
انتهت تلك الحادثة وتم تجاوز اثارها لكن نظرية التفريق بين المستويين الامني والسياسي في تعامل فريق من الحركة الاسلامية مع الدولة لا تزال قائمة حتى وان تم قلب النظربة راسا على عقب بالرغم من تبدل الحكومة، فاليوم يلتقي الصديق بني ارشيد مع المستوى الامني في حوارات ذات طابع سياسي في حين تقاطع الجماعة الحوار مع الحكومة فهل اخطأت الحركة في الماضي وعدلت من رؤيتها ام انها كانت على صواب في السابق وتم تسوية الموقف باتجاه الانفتاح على مؤسسات الدولة حواريا؟
الحركة الاسلامية براغماتية وتقرا الواقع بعين لا رمد فيها ولا تتوهم ولا توهم بيد انها دائما ترسل الرسائل المزدوجة، واحدة للشارع واخرى للطاولة التي يعلو ويهبط منسوب الحوار عليها لكنه لا ينقطع.
من منطلق حسن النية فانني افترض ان اللقاءات التي تمت بين الحركة الاسلامية والحكومة السابقة انصبت على الاطر العامة في حين ان اللقاءات الاخيرة دخلت في التفاصيل(بعد الاتفاق على الاتجاه العام) واستنادا الى القراءة «حسنة النية» هذه فاننا نتوقع ان نشهد انفراجة دراماتيكية بخصوص الشراكة في المسار الاصلاحي وعنوانه الانتخابات المقبلة من وجهة نظر الحكومة والحركة الاسلامية.
الاصلاح من وجهة نظر الحركة الاسلامية ليبرالي المبتدأ والمنتهى ويتصل في نسب الحضور وحجم القطعة من الكيكة السياسية لكن الاصلاح من وجهة نظر الحراك الشعبي يتصل بتغيير النهج الاقتصادي والحفاظ على هوية الدولة وطبيعة دورها في ملف التسوية وهذه الرؤية تفترق تماما عن رؤية الحركة الاسلامية وان كانت اللقاءات والحوارات يمكن ان تفضي الى نتائج ملموسة في قضية اقتسام الكعكة السياسية فان ملف ادارة الموارد والموقف من التسوية لن تحله اللقاءات لذلك فالحركة الاسلامية اقرب للاطر الرسمية من الحراك الشعبي وفق هذا الفهم.
يبقى ان اتذكر تلك المقابلة مع ابي انس واقارنها مع ما يجري هذه الايام لاقول هناك فرق جوهري بين اقتسام السلطة وبين الاصلاح.
( الرأي )