رد الاعتبار لدم «رخيص»!

فجأة امتلأت صفحات المدافعين عن الأقليات الإسلامية بدعوات للانتصار للأقلية المسلمة في ميانمار، وفي الأثناء لا يجد رئيس ميانمار ثين سين أي غضاضة في تصعيد لهجته تجاه أقلية الروهينجيا المسلمة في البلاد ..حيث يدعو صراحة إلى تجميع أعضاء هذه الأقلية الذين لا تعترف بهم الدولة في معسكرات لاجئين أو طردهم من البلاد. !
المقصود بهذا الكلام حوالى 800 ألف من الروهينجيا يعيشون في شمال ولاية راخين وتعتبرهم الأمم المتحدة إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم، والغريب أننا لم نسمع أي صوت ينتصر لهؤلاء على صعيد حكومات ودول العالم الإسلامي، ولو لم ينتبه هؤلاء الناشطون من المدافعين عن الدم المسلم، لما عرف أحد عن هذه الأقلية!
بالنسبة للمجتمع الدولي، كان له موقف «لفظي» بعد أن تصاعد الاعتداء على المسلمين، ففي يوم الثلاثاء 19/6/2012م، اندلعت الحرائق ووقعت اشتباكات مسلحة في غربي ميانمار بين المسلمين والبوذيين؛ مما أودى بحياة 31 شخصاً على الأقل، وذلك في وجود قوات الجيش، وهي الاشتباكات التي كانت على خلفية قيام مجموعة من البوذيين بالهجوم على حافلة تقل مجموعة من المسلمين التابعين لجماعة التبليغ والدعوة غير السياسية حيث هجموا عليهم وقاموا بقتل من كان في الحافلة بصورة بشعة وغير إنسانية في منطقة تاونجوب جنوب راخين، وجميع من قُتلوا من أقلية روهينجيا.
وتسببت هذه الواقعة بتحريك ماء راكد، حيث بدأت الأمم المتحدة في إجلاء موظفيها من المناطق التي امتدت إليها أعمال العنف، وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها الكبير تجاه الوضع في ميانمار. كما دعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بإلحاح جميع الأطراف إلى ضبط النفس – كما هي العادة حينما يكون الضحايا غير مهمين بالنسبة للإدارة الأمريكية - ووقف هذه الهجمات، وطالبت بفتح تحقيق سريع وشفاف في أعمال العنف(!). كما انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش التعامل الرسمي مع الأزمة، وقالت المسؤولة المساعدة لآسيا في المنظمة إيلين بيرسون : إن أعمال العنف الدامية في راخين تمضي في دوامة يصعب السيطرة عليها تحت نظر الحكومة، وطالبت بإرسال مراقبين دوليين مستقلين . كما الشأن مع مراقبي سوريا، الذين فشلوا حتى في إحصاء عدد الضحايا من الشعب السوري ! كما صرح مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في ميانمار توماس أوجيا كوينتانا قائلاً : إن التمييز ضد المسلمين تسبب في اندلاع الاشتباكات الطائفية في ميانمار. ورغم هذا التوجه الدولي وهذه الانتقادات التي لم تخرج عن كونها تصريحات صحفية!
نثير هذه القضية ليس لاستنهاض ضمائر رسمية ميتة، لأن ثمة زعماء عربا ومسلمين يقتلون شعوبهم، وينكلون بهم، فليس من المعقول أن ندعوهم للفزعة لأناس يبعدون آلاف الكيلومترات، نثير هذه القضية لنقول : إن الدم المسلم رخيص ومباح، ويبدو انه حان الوقت كي ينتفض العالم كله إذا نزلت قطرة من هذا الدم، وهذا الشعور ليس نابعا من شعور طائفي أو شوفيني، بل لأن المسلمين حتى الآن لا بواكي لهم، وآن الوقت لرد الاعتبار لهذا الدم، فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا! ( الدستور )