حيرة الحكومة في توجيه الدعم لمستحقيه !

موجة الارتفاعات في الاسعار والاجور التي رافقت اتخاذ الحكومة مجموعة من الاجراءات الرامية الى تخفيض فاتورة الدعم عن الموازنة العامة للعام الحالي التي تعاني من عجز قياسي، لم تتزامن معها اية قرارات لتطبيق معادلة توجيه الدعم الى مستحقيه مع ان حكومات متعاقبة قد تحدثت عنها طويلا، وجاءت الحكومة الحالية لترسي حالة جديدة على ارض الواقع وفق نظرية عدم ترحيل الازمات الى غيرها، لكنها اختارت ما هو اسهل لها عن طريق تعميم الضرر على الجميع من دون استثناء للفئات محدودة الدخل التي تحتمل عقوبات اضافية!
سلسلة القرارات الحكومية التي جاءت مطلع شهر حزيران الماضي ثبت ان لها انعكاساتها الواقعية على زيادة الاعباء على الاسر الاردنية فوق ما هي عليه من اوضاع معيشية لا تحسد عليها، وحتى ما كان منها موجها الى فئة غير المستحقين من ذوي الدخول العالية مثل رفع سعر البنزين 95 الا انها بعد ايام قليلة سحبت الامر ذاته على بنزين 90 الذي يشمل غالبية المركبات التي زادت نفقات استهلاكها وفق بعض التقديرات الى ثلاثين دينارا شهريا يدفعها من يستحقون الدعم لا غيرهم ! .
اذا ما كانت الحكومة قد اخذت حقها من الوجبة الاولى التي اصدرتها بزيادة الضرائب والتعرفة على مواد كثيرة منها المحروقات والكهرباء وغيرها، فمن واجبها ان تنظر في الجانب الاخر من هذه المعادلة الا وهو تعويض مستحقي الدعم الذين تعرفهم جيدا عن التكاليف الاضافية التي تكبدوها بناء على ذلك في مستلزماتهم الحياتية على اختلاف مجالاتها والتي التهمت ما طرأ من زيادات على هيكلة الرواتب منذ بداية العام الحالي، ليصبح الحال على ما كان عليه قبلها بما يطابق المثل الشهير "كأنك يا ابو زيد ما غزيت" ! .
ما يتسرب من معلومات عن الدوار الرابع ان الحكومة ما زالت في حيرة من امرها حتى الان حيال الالية التي يمكن اتباعها في ايصال الدعم الى مستحقيه، اذا ما زالت بين سيناريو الدعم النقدي او استخدام البطاقة الذكية للفئات المدعومة، وهو ذات المأزق الذي وصلت اليه حكومات عديدة قبلها من دون ان تحسم امرها في ذلك لتبقى الاسعار على ما هي عليه من دون اضافات جديدة عليها، اما وقد اصبحت القرارات الحكومية التي ترتبت عليها زيادات في الاسعار والاجور سارية المفعول وتتوالى ارتداداتها بين يوم واخر، فان التردد عن انصاف المستحقين يعني هضما لحقوقهم ودفعهم الى حائط تواصل الاحتجاج على هذا الواقع.
لم يتبقَ سوى ايام معدودة تفصلنا عن حلول شهر رمضان المبارك ليتبين فيه مدى ما قد تتحمله الاسرة الاردنية من نفقات اضافية على بند المواد الغذائية وحده بعد ان تم الاعلان عن توفير 131 طنا منها مخصصة للمستهلكين من قبل التجار والمستوردين والمنتجين من دون معرفة ما سيطرأ عليها من زيادات في الاسعار، ويكفي للدلالة على ذلك مادة رمضانية وحيدة هي القطايف التي تم تحديد سعر الكيلو الواحد منها مؤخرا بدينار ومئتي فلس في حين كانت خلال الموسم الماضي بسعر تسعمئة وخمسين فلسا، اي بزيادة نسبتها حوالي ثلاثين بالمئة والحبل على الجرار في قوائم غذائية لا اول لها ولا اخر! . ( العرب اليوم )