لا تديروا الظهر لكل هذا الضجيج

أن يقف فايز الطراونة ليقول إن الاقتصاد بدأ في التعافي! فهذا وعد اكبر من امكانات الحكومة، وستكون كلفته عالية إذا ما ثبت في قادم الأيام أنه مجرد ذر للرماد في العيون.
هنا يجب على الحكومة عدم التلاعب في المعطى الاقتصادي لتمرير سياسات ما، فالناس يعنيهم الأسعار وهو يعرف كم هي مرتفعة، وكم الحكومة مقصرة اليوم عن تقديم الخدمات، وانقطاع الماء اكبر دليل.
الرئيس سياسيا تعامل مع أخبار مقاطعة الانتخابات المتنامية بتصريحات هادئة استفزازية غير مسؤولة، تؤشر على طبيعة عقليته التي لا ترى إلا ما تريد، ولا تعرف إلا ما تقرر.
اليوم نحن نعيش في البلد لحظة قلقة وفارقة ومختلفة، ولن نكرر قولنا بخطأ المرجعيات العليا حين قررت اختيار الطراونة لمثل هذا اليوم، لكننا نطالب بالانتباه وحسن الاستماع من هذه المرجعيات.
طاهر العدوان في مقالته بالأمس فرق بين أهمية انعقاد الانتخابات، وبين ضرورة مشاركة الجميع، وأعطى الغلبة هنا للمشاركة غير المنقوصة؛ على اعتبار ما تمر به المرحلة من معطيات.
نقطة النظام التي يجب أن يتوقف عندها الجميع (مطبخ قرار ومعارضة وحراكات) أن الوطن يحتاج إلى مربع مختلف يتوافق عليه الجميع ونقف عليه، لنعلن انطلاقة مختلفة تعين على نوائب ما فعلته الإدارات السابقة في الوطن.
الملك عبدالله الثاني بصفته رأس الدولة، اليوم مطالب هو أكثر من أي وقت مضى باتخاذ قرارات دسمة وعملية وفارقة، تؤسس لتجبير الكسر قبل وقوعه.
لم يعد هناك ستار بين الملك وبين معرفة ما يجري؛ فالضجيج مرتفع لا يستطيع أيا كان أن يحول دون وصوله إلى القصر.
عنف اجتماعي «مؤتة أخيرا» غير مسبوق، وهيبة سائلة للدولة، ورجال كانوا يوما في نادي الحكم يحذرون من الصيغة الرسمية للإصلاح، وكتاب مقربون من الديوان يرفضون شكله.
هذا كاف ليسقط ستار وحجاب بطانة الملك، ومن هنا نتوقع أن يكون للقصر في المرحلة المقبلة موقف وانعطافة تعيد الإصلاح إلى السكة، وننتهي من التفكير بمآلات المخاطر.
الدولة تعرضت لتشوهات بنيوية كبيرة، لا يصمد أمامها مجرد التلفيق والترقيع اليوم، ولعلنا نتذكر ما قام به محمد السادس ملك المغرب حين حرق التجاذبات وذهب إلى الجوهر وأغلق الملف، فهل نحن فاعلون؟ ( السبيل )