أيام الحسم قبل أن نندم

منذ أسابيع ومواقع الكترونية تجس النبض في قضية تغييرات مرتقبة على صعيد المواقع الرئيسية في الدولة، رئاسة الحكومة ورئاسة الديوان، وتوسعت إلى أن تكهنت بأن فيصل الفايز يستعد لتشكيل حكومة جديدة، وهناك حوار بينه وبين مروان الحمود لرئاسة الديوان الملكي.
الأردنيون فقدوا حماسهم المعهود للتغيير الحكومي، مع أنه كان الشغل الشاغل للصالونات السياسية، واختفى بشكل لافت الحماس لأي تعديل وزاري.
فلم يعد التغيير والتعديل يشكلان قيمة مضافة، ولم يعد يحتل هذا الموضوع أي اهتمام، حتى من الأوساط المشتغلة بالعمل العام، ولا حتى من المشتغلين بالسياسة، حكوميين كانوا أم معارضين.
لهذا كله أسباب كثيرة، لكن الأهم أن شعارات الشارع تجاوزت التغييرات الحكومية والتعديلات إن كانت سياسية أو ترميما أو ترقيعا أو إطالة عمر ليس إلا.
الفحص الحقيقي للحكومة الحالية أو التي تنتظر، يكمن في مدى تحقيقها مطالب الشارع في الإصلاح، وهو الحكم الفعلي على التغيير الذي يؤمل له أن يحدث في البلاد، لكن حتى الآن لا تزال الخطوة الفعلية الأولى في بنيان الإصلاح مرتبكة، ولم يقع سوى شعارات عامة لم تترجم فعليا على الارض.
نعيش في زمن التغيير والإصلاح وفي زمن الربيع العربي، والتغيير ممر إجباري لا بد أن ينعكس في كل مناحي حياتنا، رضينا بذلك أم لم نرض، وافق ذلك مصالحنا أم تعارض معها. صحيح أن التغيير شعار عام ومفتوح، لكن فحص هذا الشعار يرتبط أولا وأخيرا بالأشخاص الذين يرفعونه، وبقدرتهم على تحقيقه، وبسيرتهم العامة، ومدى قربهم فكريا وسياسيا من مفهوم التغيير والإصلاح، لذا علينا مغادرة ساحة الخوف والتردد، والإيمان بأن إصلاحا سياسيا شاملا متناسقا مع إصلاح اقتصادي حقيقي هما الأقرب للمحافظة على الاستقرار العام والوحدة الوطنية والأمن الوطني.
نلمس أن خطوات الإصلاح تسير بشكل بطيء كالسلحفاة، وعلى قدمين من خشب، وعلى عكس حتى مبدأ (خطوة للأمام خطوتان للخلف) المقنع في القضايا السياسية والفكرية، وأصبح لشعار الإصلاح أعداء بعدما كان محل إجماع كل الأردنيين، نتيجة تداخل في فهم الأولويات، ونتيجة قرارات تسببت في خلق حالة إحباط عام.
الإصلاح في الأردن لم يتوقف الحديث عنه منذ سنوات، وغير مرتبط بأي تغييرات تحدث في العالم العربي هذه الأيام، إلا أن أية حكومة لم تجرؤ على بناء مدماك واحد في خط الإصلاح الحقيقي، وكل ما يحدث فقط تسيير أعمال، ووضعنا في مركب الانتظار الذي لا نعرف على أي ميناء سيرسينا.
الحالة العامة في البلاد سوداوية، مرتبكة، ضبابية، وتدار بالقطعة، وكعامل المياومة (يوم بيوم)، ولا أحد يدري إلى أين نحن ماضون، مع أن ما وقع ويقع الان في جارتنا الشمالية سورية التي لم يكن أحد في الدنيا يتوقعه يحتم علينا أن نبدأ فعليا بالإصلاح والتغيير، أو للدقة مفروض أننا بدأنا منذ سنوات، وعلى ذكر سورية يبدو أننا وصلنا إلى مراحل الحسم، وتداعياتها ،علينا أن لا ننتظر، وإن انتظر آخرون .( العرب اليوم )