ما آثار التعويضات البيئية على الثروة الحيوانية ؟

تجري هذه الايام مباحثات بين الجهات الاردنية المختصة وفي مقدمتها وزارة البيئة مع لجنة التعويضات البيئية التابعة للمجلس الحاكم في الامم المتحدة، لمناقشة برنامجها للسنوات القادمة حتى عام 2025م وكيفية تطبيق المشاريع المتعلقة بها وتحديد مجالات الانفاق عليها التي تقدر بحوالي مئة وخمسين مليون دينار تم تخصيصها للاردن لمواجهة الاضرار التي تعرض لها في اعقاب حرب الخليج وكانت لها اثارها السلبية على بيئته من مختلف النواحي.
البحث يتركز على تقييم المرحلة الاولى من البرنامج خلال السنتين الماضيتين بعد ان تسلم الاردن كامل مستحقاته عن التعويضات البيئية والتعرف على مجالات انفاقها وفيما اذا ذهبت الى الاغراض المخصصة لها ام لا، وهي تدور حول محورين رئيسيين هما محور التقنيات الفنية لحصاد مياه الامطار وزيادة الغطاء النباتي الطبيعي ورفع انتاجية اراضي المراعي، اما المحور الاخر فيشمل الحوافز الاقتصادية والاجتماعية التي تعمل على تشجيع مربي الثروة الحيوانية على المشاركة في نشاطات تقديم الخدمات البيطرية والاعلاف ورفع كفاءة الانتاج الحيواني وتحسين مستوى دخل مربيها.
من الواضح ان تنمية الثروة الحيوانية يفترض ان تكون الهدف الرئيسي لمشاريع التعويضات البيئية لا ان تذهب الى مسارب اخرى لا علاقة لها بهذا الهدف الحيوي من قريب او بعيد، من اجل المساعدة على اعادة النهوض بهذا القطاع الاقتصادي البالغ الاهمية، بعد ان مني بانتكاسات بليغة خلال السنوات القليلة الماضية، اسفرت عن تراجع اعداد المواشي من الاغنام والماعز والابقار والجمال الى حوالي ثلاثة ملايين رأس بعد ان كانت تزيد على ستة ملايين اي انها تناقصت الى النصف، مما ادى الى اختلال معادلة اسهام اللحوم المحلية في الاسواق الى ما دون الثلاثين بالمئة، مع ما يرافق ذلك من انخفاض كميات المنتجات الاخرى منها وارتفاع اسعارها على نحو كبير! .
اللحوم البلدية تبعا لذلك شهدت ارتفاعات قياسية غير معهودة من قبل حيث وصلت في هذه الايام الى ما يزيد على اثني عشر دينارا للكيلوغرام الواحد وهي مرشحة للمزيد خلال شهر رمضان المبارك، مما يتطلب ان يصب انفاق التعويضات الدولية على اعادة تصويب هذه المعادلة لصالح المستهلكين ومربي الثروة الحيوانية على السواء، اذا انه على الرغم من صرف دفعتين من مبالغ دعم الاعلاف كل منها بمبلغ ثلاثة عشر مليون دينار الا ان الاثار المترتبة على ذلك لم تتبين في خفض التكاليف، خاصة امام فتح باب التصدير الى الخارج بلا ضوابط حيث وصلت اعداد الرؤوس المصدرة الى تسعين الف رأس خلال الاشهر الماضية من العام الحالي.
لذلك من الاهمية بمكان متابعة نشاطات برنامج التعويضات على البادية الاردنية من خلال تطوير الموارد المائية فيها عن طريق انشاء الحفائر والسدود واعادة تأهيل الابار الارتوازية وتحسين نوعية مياه الشرب، بالاضافة الى رفع انتاجية اراضي المراعي وتحسين كفاءة الانتاج الحيواني والتوسع في زراعة الشجيرات الرعوية وتقديم الخدمات البيطرية، فهذه فرصة مواتية اذا ما تم انفاق عشرات الملايين من الدنانير المقدمة للاردن من التعويضات البيئية الدولية في برامجها المحددة لكي تعود للثرة الحيوانية مكانتها في الاقتصاد الوطني والامن الغذائي! .
( العرب اليوم )