الرئيس يقول: الرواتب بخير

أن يُسأَل رئيس الوزراء فايز الطراونة في لقائه مع قناة العربية عن رواتب موظفي الدولة وتأمينها، فهذا مؤشر على قلق كبير لدى المواطنين، وثقة مهزوزة بالنظام الاقتصادي للدولة.
طبعا ما يتداوله الناس عن صعوبات تواجهها الحكومة في تأمين الرواتب لم يأت من فراغ؛ فالأمر إما حقيقي وإما انه تسريبات لبعض ذوي الشأن، يريدون منه مزيدا من إرباك المشهد.
دعونا نعترف أننا نقف أمام أزمة اقتصادية خانقة ومربكة، والى هذا الحد الأمر طبيعي، فالدول تتعرض لازمات مالية وترهقها الإجراءات، لكنها في النهاية تجد حلولا من نوع ما سياسية واقتصادية.
لكن المعضلة الأردنية مختلفة، فالمشكلة تكمن في وصفات المعالجة؛ حيث إننا ومنذ أزمة 1989 ونحن نتخبط بالحلول وتورطنا مصطلحات «الإصلاح الاقتصادي» بمزيد من الأزمات والفاقات.
هذا ناهيك عن أن هذه الحلول التي تبنتها الدولة، وعلى رأسها عملية «الخصخصة وبيع الأصول المحلية»، حملت في طياتها فساداً مكثفاً غير مسبوق، محمياً وقانونياً في بعضه.
تلك السلسلة من الإجراءات، وتلك النتائج التي نشهدها اليوم بفعلها جعلت المواطن لا يثق ولن يثق بما تردده الحكومة من مزاعم أو إجراءات.
ولعل هذا ما يفسر عدم تفاؤل الناس، وعدم اكتراثهم بما صرحت به الحكومة عن تعافي قريب للاقتصاد، لا بل يتهكم البعض من أن المسألة ستكون معاكسة، وان الغلاء سيشتد عوده بعد هذه التصريحات.
أما ما يدور اليوم من حديث عن احتمال عودة صندوق النقد الدولي للأردن من خلال توليه لبرنامج إصلاحي جديد، فهذا دليل على فشل إدارة الحكومات للملف الاقتصادي.
كما انه دليل على أن النخبة الحاكمة الحالية، لن تستطيع إخراجنا من أزمتنا الاقتصادية ما دامت مكررة وعائلاتية، لا تجديد فيها ولا في شرعيتها.
نحن بحاجة إلى أن نطمئن على رواتبنا استراتيجيا، ولن يكون ذلك إلا بفعل برنامج تصحيح وطني، تقوده ذوات لها شرعية شعبية تؤمن باستعادة القطاع العام لدوره، ليقوم بالشراكة مع قطاع خاص وطني أو أجنبي مأمون.
لا ادري كيف يستطيع الطراونة النوم، والجماهير تتساءل عن رواتبها؟! وكيف يقبل بأن يكون أداة لضرب مشروع الإصلاح السياسي الذي هو قنطرة كل إصلاح! ( السبيل )