عنف الجامعات

ظاهرة العنف الاجتماعي هي احد مظاهر انتهاك حقوق الانسان وحريته .
مشهد محزن رأيناه في جامعة مؤتة مؤخرا ، مشهد كئيب أن تصل جامعاتنا الى هذا الحد من الحقد على البشر والحجر، طلاب يحومون مسلحين "بالهراوات والقناوي والزجاجات الحارقة" في الحرم الجامعي بحثا عن زملائهم وعن مقاعد الدراسة من اجل الضرب والتخريب.
أية عقلية تلك التي تسمح لشخص او لأقربائه ان يهجموا على الجامعة بسبب اكتشاف سرقة هاتف خلوي او حديث مع فتاة او خلاف على مكان الجلوس تحت شجرة، إنها عقلية غير موجودة حتى لدى سكان غابات الأمازون.
للأسف وصل الحد الى حالة " فلتان " غير مفهومة في الجامعات ، طلاب يستعملون عصي كهربائية بقوة 16 فولت ويقفون أمام حرس الجامعة وهم ملثمون، وقوات الدرك تقف عاجزة عن دخول الحرم الجامعي لأن القوانين الدولية لا تبيح ذلك.
منذ سنوات خلت ونحن ندبُّ الصوت ولا حياة لمن تنادي، من يتحمل المسؤولية؟ الدولة وأجهزتها أم الطلاب وخلفياتهم العشائرية أم أنظمة الجامعة أم الجامعة نفسها وكادرها التعليمي الذي يعجز عن تربية الطلاب قبل تعليمهم؟
حالة انفلات أمني لا معنى لها ولا مبرر، وتراجع دور الأمن الجامعي وعدم جدية الإدارات في عقاب المخطئ، كلها أسباب مهمة لكن أين الحلول ومن يقرع الجرس؟
كيف يتم إدخال السلاح الناري و العصي والسلاح الأبيض؟ على الرغم من ان الحرس الجامعي يفتش السيارات والطلاب بدقة ويطلب هوياتهم. ماذا فعلت رئاسة الجامعات ومديرية الأمن العام في الحوادث المتعاقبة ؟ الناس ينتظرون الحل .
الجامعات الأردنية لم تعد هي نفسها قبل عشر سنوات ، والناس لم يعودوا هم أنفسهم ، كل شيء تغيَّر للأسف الى الأسوأ، فبيوت العلم ومناراته تحولت الى أماكن للتسلية وقضاء الوقت وطق الحنك وعرض الأزياء والمفاخرة الكاذبة بأن العشيرة الفلانية أفضل من غيرها، وللأسف فإن التباهي أمام الطالبات يقود الى مشاجرات لا معنى لها.
في كل مرة نستمع الى "تهديدات" بأن القانون سيأخذ مجراه ضد المخالفين، لكنْ للأسف بعد عمليات الفصل او إيقاع العقوبات نرى الوساطات تبدأ من أجل أن يعفو الله عما مضى ، "وتعود حليمة لعادتها القديمة"
إن ظاهرة العنف الاجتماعي هي إحدى أهم مظاهر انتهاك حقوق الانسان وحريته ، لأنها تهدد استقراره النفساني والاجتماعي، ومن جهة اخرى هي دليل على انقسام المجتمع الواحد والتناقض في المصالح والمعتقدات بما يمكن أن يؤدي إلى انهيار المجتمع نفسه.
إن انتشار العنف في المجتمع وظهور النزعات الفردية او القبلية والمناطقية دليل على غياب المشروع الوطني الجامع، والدولة المدنية الديمقراطية لا يمكن أن تقوم على أسس عشائرية. فالمعالجة يجب أن تستند إلى سيادة القانون وفرضه من قبل أجهزة الدولة ورفض التجاوز عليه، شريطة أخذ الأبعاد القانونية والسياسية والاجتماعية والعشائرية قاطبة، على قاعدة عدم التهاون في الحق العام، وأن يدفع المخطئ ثمن خطئه ماديا ومعنويا، فلا أحد أكبر من الدولة ولا أحد أكبر من المؤسسات والقانون، والطالب الذي يخالف قوانين الجامعة يُفصل ولا مكان له بين طلبة العلم . ( العرب اليوم )