تحولات كونية تنطلق من دمشق

«الأسد لن يتنحى» .. لم يقل هذه الكلمة احد الجنرالات المتقاعدين وهو يجلس في مقهى ، ولا محلل سياسي يعمل بالقطعة لدى فضائية ملتحية لا تتقن غير التحريض بل قالها زعيم الدبلوماسية الروسية سيرجي لافاروف وفي ظهره ترسانة عسكرية قادرة على مواجهة النيتو برا وبحرا وجوا.
الرئيس السوري يحظى بدعم جزء اساسي من شعبه وما يواجهه هو عصابات مسلحة متحالفة مع الغرب وتركيا وبالتالي فان المواجهات في سورية هي بين شرعية سياسية ممثلة بنظام سياسي عضو في الامم المتحدة وجماعات مسلحة تنطلق من خارج الاراضي السورية تمويلا وتسليحا.
يخطئ كثيرا من يعتقد ان ما يجري في سورية ثورة شعبية ويخطئ اكثر من يعتقد ان سورية هي ليبيا ثانية اذ يتوقف على الحرب الدائرة في سورية شكل ومعالم النظام الدولي الجديد وانتهاء حقبة احادية القطبية وبروز تعدد القطبية.
من انهزم في العراق وافغانستان ليس بمقدوره الانتصار في سورية، وفكرة انشاء كانتونات طائفية على طول الساحل السوري فشلت منذ ان قال سلطان الاطرش وابراهيم هنانو وصالح العلي لا لتفتيت سورية وبالتالي فالحديث عن فسيفساء طائفية على الساحل وكتلة سنية في سورية الداخلية ضرب من ضروب الخيال الاستعماري غير القابل للتحقق ارضاء ليهودية الدولة الاسرائيلية.
الانحيازات الاقليمية الان هي بين ربيع عربي تم اختطافه من قبل الغرب والاصولية الاخوانية وبين استقلال القرار في الاقليم وهو ايضا صراع على الموارد وعلى الطاقة وعلى دروب تمرير هذه الطاقة ففي القضايا الجيواستراتيجية الكبرى تبدو قضية حقوق الانسان واعداد المدنيين الذين يسقطون على اطراف النزاعات المسلحة الكبرى قضية رقمية تفيد في حشد الراي العام لكنها لا تصنع تحولا في موازين القوى.
الحياد الايجابي الاردني تجاه الازمة بدأ يتغير وهو امر لا اظن انه في مصلحتنا وقضية حل ازمة اقتصادية عابرة ليس امرا حكيما بازاء تحولات جذرية في المنطقة فالدول لا تقيم علاقاتها بالجوار وفق منطق البورصة وباروميتراتها المتقلبة .
الاسد لن يتنحى وعلى الساسة في الاقليم ان يتعاملوا مع هذه الحقيقة التاريخية المضمونة باقوى قوتين واحدة عسكرية (روسيا) وثانية اقتصادية (الصين) فهل من الحكمة ان يتم اغماض العين عن كل هذه التحولات؟ ( الرأي )