قبلة على جبين شرطي المرور
يوم امس وبوقت بعد الظهيرة وفي عز الشوب والحرارة اللاهبة وعلى دوار مكتظ بالدخول والخروج للمركبات في الجهة الغربية من عاصمتنا الحبيبة عمان، شاهدت كما هي عادتي وفضولي احد افراد الامن العام من مرتبات السير ينظم السير ويمسك بيده قارورة ماء رفعها الى فيه ليشرب ماتبقى فيها من ماء اسخنه الجو الحار وحرارة يديه الكريمتين اللتين مافتئتا تتحرك يمنة ويسرة باداء الواجب الذي اقسم على تأديته بكل اخلاص وتفاني، وقد شرد ذهني وطافت بي الافكار حول هذا الجندي المرابط على هذا الموقع تحت لهيب الشمس وقساوة حرها.
نجلس في مكاتبا ونغير وضعيات جلوسنا نتمدد مرة ونتكيء اخرى ، نكمل اجراءات معاملة ونؤجل اخرى ، نتبادل الحديث مع مراجع ونصد عن اخر ، نبكر يوما ونتأخر يوما اخر، نلبس خفيفا وننزع ثقيلا ، الا ان هذا الرجل في موقعه وبنفس الزمان والمكان ثابتا ليس لديه متغيرات في مكانه او زمانه او مزاجه هو هو لايجلس على كرسي وليس لديه مكتب، فمكانه الشارع وزمانه ثابت في حين ان زماننا هو لحظة مرورنا العابر به، ومكتبه هو خطواته على هذا الدوار او ذاك، يستقبل الجميع ويودع الجميع ويبقى في عزته وكرامته مخلصا منتميا ووفيا لعمله ووطنه.
ايها النشمي الذي لوحت قسمات وجهك الشمس الحارقة وعطر جسمك عرقك الطاهر الندي الذي يعانق في كل لحظة كل واحد منا في مركبته وسيارته، نخجل ان نقول لك شكرا فالشكر قليل ولكن لتأخذها قبلة اردنية اصيلة على جبينك الاغر موصولة لكل نشامى ونشميات الامن العام كل في موقعه ومكانه الصحيح ، فما انتم الا ملح الارض وترابها الطاهر النقي.