من «أرغوف» إلى «بورغاس»... تعددت الأسباب..؟!

تم نشره الجمعة 20 تمّوز / يوليو 2012 03:10 صباحاً
من «أرغوف» إلى «بورغاس»... تعددت الأسباب..؟!
عريب الرنتاوي

في الثالث من حزيران عام 1982، نفذت مجموعة تابعة لـ”أبو نضال/ صبري البنا” محاولة اغتيال للسفير الإسرائيلي في لندن شلومو أرغوف، عُدّت السبب المباشر لاندلاع حرب اجتياح لبنان وحصار بيروت...بعد ثلاثين عاما من تلك الواقعة، التي نعرف من نفذها ولكننا لن نعرف أبداً من أمر بها وأية أصابع وقفت وراءها، أقول بعد ثلاثين عاماً من تلك الواقعة، يسقط إسرائيليون قتلى وجرحى في عملية يقال أنها انتحارية في بلغاريا، فيما تفاصيل العملية من حيث مَنْ أمر ومَنْ نفذ ولماذا بلغاريا ولماذا في هذا الوقت بالذات، لم تتضح بعد.

قبل ثلاثين عاماً، ووفقاً للأرشيف الإسرائيلي الذي بدأ الكشف عنه، كانت الاستعدادات للحرب على لبنان قد استُكملت، إسرائيل فرغت لتوها من تدريب 1300 عنصر من القوات اللبنانية ومجموع الدعم المالي والتسليحي الإسرائيلي لهذه القوات بلغ حتى حينه 118 مليون دولار وفقاً للوثائق ذاتها...شارون الذي كان للتو قد أنهى زيارة للمنطقة الشرقية من بيروت، اتخذ في رومانيا التي كان يزورها سرها، قرار بدء الحرب ما أن تناهت لأسماعه حكاية العملية المشبوهة في لندن.

لسنا على بينة مما جرى في بلغاريا، كل الاحتمالات واردة..لكن الاتهام الإسرائيلي السياسي لإيران وحزب الله، جاهز تماماً، ولا يحتاج سوى لاستلاله من الأدراج، وهذا ما حصل فعلاً، إذ قبل أن يتم انتشال الجثث وجمع الأشلاء ونقل الجرحى والمصابين للعلاج، كانت الرواية الرسمية الإسرائيلية تشير بأصابع الاتهام لإيران وحزب الله، وتتوعد برد لا تنقصه القسوة والشدة، لكأن الخبر وقع على إسرائيل وقعاً طيباً، لكأنها كانت تنتظره وتشتهيه، حتى لا نقول تدبر له وتخطط.

ليس مستبعداً أبداً، أن تعاود إسرائيل في قادمات الأيام، فعل ما أقدم عليه الثنائي شارون – بيغن في مطلع ثمانييات القرن الفائت...حزب الله هو العدو الأول لإسرائيل الذي يوجه ما بين 70 – 80 ألف رأس صاروخ صوب مدنها ومرافقها...حزب الله هو المؤهل لـ”وراثة” الترسانة السورية الصاروخية والكيماوية...وإسرائيل أعلنتها صراحة ومن أسابيع وأشهر: إن نقل هذه الترسانة لحزب الله، بقرار رسمي سوري أو بفعل تفشي الفوضى وانعدام السيطرة، سيكون بمثابة إعلان حرب من جانب واحد عليها، يتسوجب الرد بالمثل، استباقياً أو انتقامياً.

في ظني، وليس في هذا الظن أي إثم من أي نوع، أن ثمة في إسرائيل من يسكنه الاعتقاد بأن اللحظة الراهنة ربما توفر سانحة للدولة العبرية للخلاص من حزب الله وصواريخه...فالحزب في أضعف حالاته، حيث يواجه عزلة سنيّة شبه محكمة في الداخل والخارج، وهو يفقد شريان حياته في دمشق الذي يعاني انسدادات خطيرة تكاد تصل لحظة “الجلطة”، أما إيران فتحاصرها العقوبات والبوارج وحاملات الطائرات من جهاتها الأربع.

وأحسب أن بعض العقول العدوانية في إسرائيل يساورها حلم الخلاص من الأسد ونصر الله بضربة واحدة، ضرب عصفورين بحجر واحد، فإن تدخلت إيران لنجدة “هلالها” تكون استحقت ما يخبأ لها من ضربات عسكرية تطيح ببرنامجها النووي ودورها الإقليمي سواء بسواء...مثل هذا السيناريو لا ينبغي أن يكون مستبعداً من الحسابات، فثمة أطراف عديدة لها مصلحة في تحويل الحدث السوري إلى مناسبة لإعادة خلط الأوراق الإقليمية بمجملها ورسم قواعد جديدة للعبة والاشتباك في المنطقة، ثمة من جعل من الأزمة السورية ساحة لتسوية الحسابات الإقليمية مع إيران وحزب الله ونصف العراقيين وثلثي البحرينيين وعُشر السعوديين.

“هوية” منفذ “عملية بورغاس” ليست مهمة..إن كان لإيران وحزب الله ضلعٌ فيها فتلك مصيبة تنم عن قراءة خاطئة و”فقيرة” للمشهد الإقليمي واللحظة الدولية، وإن كانت الجهة المنفذة هي جهة أصولية سنيّة، فالأرجح أن إسرائيل ستدفع باتجاه تحميل إيران وحزب الله المسؤولية عن الواقعة، فليس هناك هدف/عدو سنيّ “محرز”، وقد تتخذها ذريعة للتسوية حساباتها القديمة – الجديدة – المتجددة، مع صواريخ حزب الله وبرنامج إيران النووي....وإن كانت العملية من صنع يدي المخابرات الإسرائيلية، حتى وإن نفذتها من خلال “اختراق” أمني في أوساط أية “خلية إسلامية”، فمعنى ذلك، أن قرار الحرب المُتخذ، قد وجد ذريعته التي ينتظرها، وبعد ذلك يمكن الاهتمام بتفاصيل التحقيق في العملية او إهمالها.

لا نعرف كيف سترسو بوصلة الخيارات والبدائل الإسرائيلية...هل ستواصل تل أبيب كيل الاتهامات الجزافية لطهران والضاحية؟...كيف سترد، ضد إيران أم ضد حزب الله أم ضد الاثنين معاً؟...كيف سيكون شكل الرد الإسرائيلي وحدوده، اغتيالات جديدة هنا وهناك، أم عدوان واسع على لبنان؟...وفي الحالتين كيف سيكون رد حزب الله، كيف سيكون رد إيران، هل ستندلع حرب إقليمية جديدة؟...هل ثمة في إسرائيل (وربما في عدد من الدول العربية) من يرى أنه آن الأوان لدفع الأزمة السورية إلى أتون حرب إقليمية مباشرة وشاملة، بعد أن كانت مجابهة غير مباشرة “By Proxy” ومحدودة بالجغرافيا السورية؟...هل ستتدخل عوامل أخرى لمنع انفلات المسألة برمتها، كأن يقال مثلاً: “أننا لا نريد أن “نشوش” على عملية إسقاط النظام في سوريا، دعوا المسألة تأخذ مجراها”، أو أن يقال “لا نريد التشويش على الانتخابات الأمريكية، صبراً لعدة أشهر ومن بعدها لكل حادث حديث”...أسئلة وتساؤلات لم تغب عن الأذهان المنشغلة بارتدادات زلزال حي الروضة الدمشقي وتداعياته.  ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات