الخيار الثالث للقانون والانتخابات

رضينا أم لم نرض، فإن هناك انغلاقا في آفاق العملية السياسية في البلاد، خاصة على صعيد الانتخابات المقبلة.
صحيح أن الازمة السورية وصلت الى مراحل متقدمة تفرض سياقاتها على كل شيء، والكل في حالة انتظار ما ستسفر عنه الايام المقبلة، لكن تبقى القضية السياسية هي المسيطرة على نبض البلاد عموما.
لا حسم نهائيا بأن قانون الانتخاب قد يفتح من جديد بانتظار رؤية الملك، حتى لو كان الجانبان القانوني والشكلي واضحين تماما بأن القانون وصل الى مرحلة التوشيح الملكي.
تعودنا منذ عشرات السنين على أن الغلبة للقرار السياسي، لهذا غابت نقابة المعلمين اربعين عاما قبل أن يتغير التوجه السياسي ويسمح اخيرا بولادتها.
رؤية الملك حاسمة منذ اكثر من عام، وهو يريد انتخابات قبل نهاية العام، شفافة ونزيهة وبمشاركة الجميع، لهذا يسجل في صالح صانع القرار السياسي التقاط اللحظة وتوجيه دفة قانون الانتخاب الى مشروع الاصلاح الشامل، وهذا ما يأمله كل المدافعين عن مشروع الاصلاح الديمقراطي الشامل.
هذه نقطة، اما النقطة الاخرى، فلا يجوز أن يجرنا توجه التيار الاسلامي ومن يلتف حوله باتجاه قرار المقاطعة، ولا باتجاه القانون المطلوب.
حتى الان قرار المقاطعة لا يعكس توجه كل التيارات السياسية والشعبية والعشائرية، فالاسلاميون قرروا مبكرا المقاطعة وتركوا الباب مواربا، وبعض القوى العشائرية اعلنت المقاطعة، وايضا قوى حزبية وسطية، لكن يبقى التيار القومي والتيار اليساري يدرسان قضية الانتخابات، وهما يسيران باتجاه طرح الخيار الثالث للقانون والانتخابات، ولا اقصد بالتيار القومي واليساري فقط الاحزاب المنضوية في ائتلاف القوميين واليساريين، بل باتجاه التيار العريض المنظم وغير المنظم، وقراره سيكون حاسما في قضية المقاطعة او المشاركة.
اما على صعيد القانون، فالمطالبون بالصوتين لا يعلمون انهم يحطبون في مصلحة القوى العشائرية والحزب الاقوى، وهنا بالتحديد جماعة الاخوان المسلمين، وهذا القانون سيكون ظالما للقوى الاخرى، ولا يمنحهم فرصة المشاركة، لذلك علينا جميعاً المساهمة في اقرار قانون يتسع لمشاركة سياسية واسعة بأقل قدر ممكن من الخسائر.
جميعنا معنيون بالبحث عن حلول للاستعصاءات التي تقف في طريق إنجاز الاصلاح، وعلى الجهات الرسمية تقديم التنازلات وذلك للوصول الى اوسع مساحة ممكنة من التوافق، فليس معقولاً ولا مقبولاً الاصرار على التضييق على القائمة الوطنية الى هذا الحد، في الوقت الذي يمكن فيه اعتماد قائمة على مستوى الوطن كله، وهذا ما فعلته مجتمعات غيرنا كثيرة عرفت طريقها باتجاه الاصلاح الحقيقي، ولم تقف يوما عند قوانين تصاغ لمصالح فئات على حساب اخرى، وعندنا للاسف تمت صياغة قوانين لصالح افراد بعينهم.
بعد كل الدمار الذي نشاهده من حولنا، علينا أن نتطلع الى مراحل متقدمة من الاصلاح، ولا تنقصنا التجربة والنضوج للوصول الى مراتب متقدمة من القوانين العصرية الديمقراطية التي تستوعب الجميع، وترفع من شأن بلادنا. ( العرب اليوم )