هــي فوضى (2) !!!
في مقال سابق بعنوان ( هي فوضى ) أوضّحتْ كيفية التعامل مع القضايا الهامة والمتعلقة بالإصلاح السياسي ، و كيف خضعت كافة مُخرجات المجالس النيابية والحكومة لمفهوم الإنحراف التشريعي ، واستُخدمت الرقابة السياسية لتعزيز مفهوم هذا الإنحراف ، وتم التلاعب بالقوانين والأنظمة لخدمة أجندات خاصة أدّت إلى ضياع حقوق الأردنيين وتغول المسؤولين على المال العام في ظل حصانة قانونية للفاسد تمنع من محاكمته أو الوصول إليه ؟؟! وكان ذلك في القطاعين العام والخاص ، حيث أن غياب الرقابة الحكومية وضُعف المؤسسات الرقابية وإنعدام آليات الرقابة لوجود ثغرات مقصودة في القوانين تُسهِل الإعتداء على المال العام ، وتمنع المؤسسات الرقابية من بسط سيطرتها على مواطن الهدر !!!.
ولا أتحدث عن مجلس النواب فهو مُغيب أصلاً ، وفنياً غير قادر مع ما يعتري النواب من عور يتمثل في نقص الخبرة والتخصص وثقافة المحاسبة ، إضافة إلى مشاركتهم الغنيمة من خلال التعاون في إنضاج قوانين تتمحور حول مصالحهم مشاركة مع أصحاب الجاه والنفوذ .
أغرب ما قرأت أن مدير مكتب مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي قد تَسلم نقداَ من خزينة وزارة الداخلية وبواسطة الوزير مبلغ ربع مليون دينار !!! ليتبين بعد فترة من الزمن أن المبلغ لم يصل إلى المدير العام الذي بادر الشكوى بعد دخوله السجن بتهمة الإستثمار الوظيفي والإساءة إلى الأمن الإقتصادي ، والذي هو أهم جزء من الأمن الشامل الذي كان مسؤولاً عنه ، وهو الآن يَتهم أحد منسوبيه بإختلاس المبلغ ودون علمه !!! أما كان الأجدر بوزير الداخلية أن يُبلّغ مدير المخابرات خلال أحد اللقاءات أنه أرسل له 250 ألف دينار ، أم أن المبلغ ضئيلاً بحيث لا يستحق أن يتحدث عنه أي منهما !!! وهكذا ذهب المبلغ أدراج الرياح !! وتم مصادرته من الموظف الصغير قبل أن يصادره الباشا الكبير ، ثم لماذا تحتفظ الداخلية بمثل هذا المبلغ في خزانتها ؟؟! ولا يتم توثيق صرفه بهذه البساطة ؟؟! وكم ربع مليون ذهبت دون أن يكتشفها أحد ؟؟! إذا كان هذا النهج من التعامل سائداً بين القوم أليست هذه فوضى؟؟! أليسَ التلاعب بقانون الإنتخاب في ظل الثلاث حكومات الأخيرة بتخفيض عدد أصوات الدائرة من ثلاث أصوات في عهد البخيت إلى صوتين في عهد الخصاونة وصولاً إلى الصوت الواحد المشئوم في حكومة الطراونة ، هو فوضى ؟!!! عدا عن القائمة الوطنية!!!.
أليسَ إغلاق الطريق العام أيضاً فوضى ؟؟! وأليس الإفراج عن الفاعلين بالسرعة الممكنة فوضى أيضاً ؟؟! ويمس دولة القانون ، أليس تدخل الوجهاء والنواب والأعيان والوسطاء لإخلاء سبيل من يثير الفوضى هو فوضى ؟؟!! هل سيأتي يوم نندم فيه حيث لا ينفع الندم بأننا سمحنا بالتجاوز على القانون ، وأصبح
التجاوز عُرفاً؟؟!! أليسَ تصريحات رئيس الوزراء المتناقضة حول تعافي الإقتصاد ( بعد أسبوع من تصريحه حول الوضع المالي البائس في الأردن ) فوضى !!! أليس الحديث عن نمو في الناتج المحلي الإجمالي لا يفيد سوى البنوك وشركات الإتصالات والتعدين المملوكة في غالبيتها للمستثمر الأجنبي على حساب صناعة وزراعة وسياحة الوطن فوضى ؟؟! كان الله في عون الوطن ما دامت هذه رجالاته ؟؟!