البداية عندك

في السنة الواحدة نستمع الى أثنتين وخمسين خطبة جمعة، عدا الدروس والمواعظ التي نستمع إليها بين الحين والآخر، وهي في جملتها دعوة لفعل خير أو ابتعاد عن شر. وغالباً ما نستمع لخطبة أو موعظة، ولكن المشكلة التي نقع فيها ونحن نهز رؤوسنا موافقين للخطيب فيما يقول أننا نلقي اللائمة على الآخرين فنقول فعلاً الناس يكذبون، الناس ينافقون، الناس يرتشون.. الناس...
هل فكرت يوماً أن تكون البداية من عندك وليس من عند الناس !! هل فكرت يوماً أن نفسك هي المقصودة مما سمعت بالموعظة؟!
هل فكرت يوماً أن سماعك لآية أو حديث أقام الحُجة عليك بأنك قد علمت ومن علم وجب عليه العمل! هل فكرت يوماً بقوله تعالى وهو سبحانه يروي الحوار الدائر بين ملائكة العذاب وأهل النار ( قالوا : ألم يأتكم نذير ؟ قالوا: بلى جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء)
كثير منا يلقي اللائمة على غيره، وهي حجة من لا يريد أن يبدأ، وينسى قول الحبيب صلى الله عليه وسلم ( أشد الناس صراخاً يوم القيامة المسوفون ). والمسوف الذي يقول سوف سوف، وهي الكلمة التي طالما نسمعها سوف أصلي، سوف أصوم، سوف أزكي.
ثق تماما أن البداية تكون من عندك، ودع عنك الناس وما يفعلون فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً، ولن ينفعك عند الله أن تقول يا رب الناس هكذا يفعلون وقد كنت واحداً منهم وفعلت مثلهم.
كان سيدنا عمر رضي الله عنه يقول: لو قال الله تعالى يوم القيامة كل الناس يدخلون الجنة إلا واحداً لظننت أنه عمر !! فهو يرى مع كل ما قدم أنه ما زال مقصراً مع الله تعالى، فهو يرى نفسه دائم التقصير، وخوفه هذا هو الذي أنجاه عند ربه.
ثق تماماً أنك المقصود بكل آية في القرآن، وأنك المقصود بكل حديث شريف تسمعه، أنت المقصود بقوله تعالى : ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) قوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) وقوله تعالى ( ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً ).
أنت المقصود بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) وقوله صلى الله عليه وسلم : (ما من عبد يستر عليه الله رعية فيموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة).
ثق تماماً أن التغيير يبدأ منك قبل غيرك ، وإن إلقاء اللائمة على غيرك ليس حجة لك عند الله.
ثق تماماً أن البداية من عندك. ( العرب اليوم )