عنب سوريا وعصا الناطور

ثورة الشعب السوري من أجل الكرامة والحرية أمر حقيقي على ارض الواقع، لا يمكن إنكارها من أي جهة، ومحاولة وصفها بالعصابات الإرهابية والجماعات المسلحة لم تصمد أبدا، ولم يعد ذلك مجدياً.
وحقيقة وجود مؤامرة على سوريا لإسقاط نهجها السياسي الوطني والقومي أمر صحيح أيضا، والمستجد فيه انتقاله من مرحلة ما قبل ثورة الشعب إلى ما بعدها. وهذا الحال لا يعني خلط الحابل بالنابل، وإنما إدراك وجوب الانتصار إلى الشعب وليس لأي نظام، ومنع تجبير حقوقه بالحرية والإرادة المستقلة لخدمة المؤامرة؛ وعليه يكون وجوباً على من يقودون الثورة سياسيا بالداخل والخارج إعلان رفضهم المتاجرة بالثورة وإرادة الشعب، وإعلان أن سوريا لن تخلع ثوبها بعد الثورة، وإنما ستكون أكثر بأسا في صد المؤامرة، وعدم السماح بذهاب دماء السوريين هدرا، وعليهم ألا يتأخروا بذلك أكثر مما مر من وقت، وعلى أساس أن أي مساعدة خارجية أو أي تدخل دولي لا مقابل له من إرادة السوريين وحقهم بالسيادة واستقلالية القرار والاختيار.
وعليه؛ يكون وجوباً بعد استبعاد النموذجين اليمني والليبي، اعتماد التونسي والمصري بدلا منهما، بحيث يكون الشعب هو صاحب الحق بالاختيار في النهاية، وليس أي جهة خارجية مهما كان حجم ما تقدمه، وإن كان اليمني ما زال متاحا ومقبولا وملبيا، وهو لن يعود كذلك بمرور الوقت.
بشار الأسد لا يستحق مصير القذافي؛ لأنه ابن ظروفه التي أتت به، وهو يستحق بسبب ذلك أفضل من مصير عبدالله صالح، وسوريا لا تستحق أبدا فوضى العراق والتخبط الليبي، وإنما أفضل مما في تونس ومصر. أما عكس ذلك مصيرا، فإنه رهن بإرادة مؤسسة النظام والدائرة الضيقة بمحيط الرئيس، وليس حركة الشعب الذي يريد عنبا وليس الناطور.
استمرار المواجهة العسكرية لن تفضي إلى تحقيق حسم للنظام ابد، وإنما لمزيد من الضحايا والخسائر المادية، والأكيد أن المحصلة النهائية للمواجهات ستسفر عن رحيل مؤسسة النظام، والأمر أصبح حتميا، إذ لا فرص من أي نوع لاستمرار الحكم وأي من رموزه. وعند الوصول إلى هذه النقطة ستتوالى الخسائر، فحزب الله سيكون برئة واحدة ومعه إيران أيضا، في حين سيمر وقت ليس قصيرا حتى تستعيد سوريا عافيتها، وما زال بالامكان التخفيف من حدة النتائج وحجم الكارثة.( السبيل )