ضـريبة الإنتخابات

مقاطعة الانتخابات تعني خسارة المقاطعين وخسارة الوطن ايضا.. اما الذين اشهروا مقاطعتهم فيتحملون مسؤولية خسارتهم، لكن من يتحمل مسؤولية خسارة البلد!.
الاجابة بسيطة، ثمة من يريد اجراء الانتخابات بأي ثمن، وكأن اجراءها معجزة او حل لكل مشكلاتنا، ولا يهم -هنا- اذا كانت معظم القوى السياسية تحفظت على القانون او رفضته أو اعلنت مقاطعتها.
اذا استسلمنا لهذا المنطق، فان اجراء الانتخابات -فنياً- ممكن، وبوسع الهيئة ان تستكمل في الشهور القادمة استعداداتها وان تحدد موعد الانتخابات في نهاية هذا العام كما ذكر رئيس الوزراء امس الاول، لكن ستبقى هذه الانتخابات مجروحة سياسياً، ولا يمكن لأحد ان يدافع عنها.
لماذا نُصر على اجراء الانتخابات تحت ايقاع “المقاطعة”، البعض يعتقد أنه لا مجال للتنازل عن “الصوت” الواحد، فهو -رغم تجربة امتدت لعشرين عاما- افضل وصفة للحفاظ على معادلاتنا السياسية، آخرون يرون ان “هيبة” الدولة يجب ان تنتصر، وان تقديم أي تنازل “سيطمع” البعض ويفتح شهيتهم لطلب المزيد، أطراف نافذة اخرى تتصور ان الناس “تعبوا” من الصراع ومن الخروج للشارع، وبأن تمرير “انتخابات” نظيفة بمن حضر سيسحب من رصيد المقاطعين وسيدفعهم الى الندم لأنه ليس بوسعهم ان يطرحوا أي بديل.
اذا ثبت عكس ذلك، فثمة “ورقة” جاهزة ستذهب بنا الى اعلان الطوارىء، وسيتحمل المقاطعون “إثم” هذا القرار، كما يمكن ايضا ان نستثمر مثل هذا “الحل” في تطمين الناس على اوضاع بلدهم، وان نحشد عشرات “الحجج” لاقناعهم بأن الظروف القاهرة تستدعي تقديم المصلحة العامة على اية مطالب حتى لو كانت لها علاقة “بالاصلاح”.
إذن، البدائل لدى بعض المسؤولين موجودة، وهم يسيرون في الاتجاه الصحيح، وكل المقاربات التي تتداولها وسائل الاعلام أو “يتسلى” بها السياسيون في التيار المعاكس ليست أكثر من “تخويفات” للضغط باتجاه “انتزاع” ما يمكن من مكتسبات، وبالتالي فالدولة هي التي تحدد “مصلحة” الناس، وهي من يقرر ولن تستجدي أحداً للمشاركة، “فوليمة” الاصلاح، أو الانتخابات، كما ذكر أحد الوزراء السابقين، مطروحة أمام الجميع.. وبوسع المدعوين ان يحضروا أو ان يعتذروا.. لا فرق!.
يا إلهي! كيف انتهينا الى مثل هذه “الامتثالية” في التعامل مع أخطر مرحلة يمر بها بلدنا، كيف نجازف باطلاق مثل هذه التصورات والمخارج وأمامنا طرق “وعرة” تحتاج الى عيون زرقاء اليمامة، لكي نعبرها بسلامة.
(الدستور)