وأين كانت عيونكم يا مؤسسة الغذاء..!!
دهشت للجرأة التي امتلكتها مؤسسة الغذاء والدواء بإقدامها على إغلاق ومخالفة (13) مطعماً ومؤسسة غذائية، وهي خطوة مقدّرة دون شك، خصوصاً أن بعض هذه المطاعم ذات شهرة عريضة، وأصحابها ذوو نفوذ كبير، وأن المواطن لم ينتابه شك في سلامة ما تقدمه له من أطعمة ومواد غذائية، أما أن يكون المواطن قد بلع الطعم وأكل السمّ، فهذا ما لا يقبله ضمير حي، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن حجم الأغذية الفاسدة التي تناولها المواطنون، قبل أن تصل عيون مؤسساتنا الرقابية إلى هذه المطاعم وتكتشف فساد أطعمتها..!!
من الغريب أننا لم نسمع عن إقدام المؤسسات الرقابية على الغذاء والمطاعم سواء أجهزة وزارة الصحة أو الأمانة أو البلديات أو وزارة البيئة أو أجهزة المؤسسة العامة للغذاء والدواء على إغلاق محال ومطاعم بيع أغذية أو وجبات غذائية في السابق إلاّ نادراً، ولعل هذا هو سبب دهشة المواطن من الإعلان عن مخالفة وإغلاق مطاعم بهذه الكثرة خلال فترة وجيزة.. فهل ذلك بسبب التزام المطاعم المنتشرة في أرجاء المملكة بشروط سلامة الغذاء وبيئة العمل الغذائي وسلامة ما تقدمه من أصناف الطعام، أم أن ذلك عائد إلى تقصير الأجهزة الرقابية أو تقاعسها أو تساهلها في هذا الواجب أو غض الطرف عن مثل هذه التجاوزات والمخالفات..!!
قبل بضع سنوات كنت مقيماً في دولة قطر الشقيقة، وكنت أتابع ما تبذله أجهزة الرقابة على الغذاء والمطاعم هناك من جهود نوعية حثيثة في هذا المجال، ولم يكن يمر أسبوع إلاّ ويتم الإعلان عن إغلاق مطاعم ومؤسسات غذائية ومطابخ فنادق كبرى بسبب مخالفتها شروط السلامة والنظافة لبيئة العمل وصنع الغذاء، وكانت الصحافة في الأغلب تعلن أسماء هذه المطاعم صراحةً حتى يعرف الناس أنها تتاجر بصحتهم وسلامتهم، ولا تتورع عن تسميمهم حتى لو كان ذلك دون قصد أو إصرار..!
من أهم حقوق الإنسان أن يحظى بطعام صحي وسليم يقوى به على الحياة، لكي يستطيع ممارسة دوره الإيجابي في المجتمع، ومن حقه أن يتناول طعاماً أو يشتري سلعة غذائية صحية وصالحة للاستهلاك البشري، وليس كل مواطن قادر على معرفة مدى صلاحية هذه السلعة أو الوجبة الغذائية للاستهلاك، وهو دور لا بد أن تقوم به الأجهزة الرقابية بفعالية عالية، فمسؤولية سلامة وصحة المواطن من الناحية الغذائية تقع على عاتق هذه الأجهزة، لأن المواطن يثق بالمحال والمطاعم التي التي تبيع السلع الغذائية أو تقدم الأطعمة بأنواعها المختلفة كونها مرخّصة وخاضعة لرقابة صحية من أجهزة الدولة المختصة، لذا فإن أي تقصير في القيام بهذا الواجب تتحمّل الأجهزة المعنية بالرقابة مسؤوليته كاملة، ويجب أن تُحاسب مثلما تحاسب المحال والمطاعم المخالفة تماماً..!!
ونتساءل أخيراً: أين كانت عيون مؤسسة الغذاء عن هذه المطاعم التي قامت بإغلاقها، فمن المؤكد أنها اعتادت على ممارسة ذات الدور في تقديم غذاء ووجبات طعام فاسدة ابتلعها المواطنون دون أن يدروا أي سموم يبتلعون..!!؟ ولماذا الآن والآن فقط استيقظت المؤسسة وامتلكت الجرأة والفاعلية على القيام بواجبها لحماية صحة المواطن وضمان سلامة غذائه، ومن يتحمّل نتائج ما تناوله الناس من طعام فاسد، وما خسروه من صحة أبدانهم خلال فترات سابقة..!؟