سيناريوهات بعد إقرار قانون الانتخابات

مع صدور الإرادة الملكية بالتصديق على قانون الانتخابات وتعديلاته التي اقتصرت فقط على زيادة عدد مقاعد القائمة على مستوى الوطن.
«أي اعتماد الوطن دائرة انتخابية» من 17 مقعداً إلى 27 مقعداً وذلك بزيادة عدد أعضاء المجلس النيابي بعدد مساو لعدد الزيادة في أعضاء القائمة، ليصل عدد أعضاء المجلس إلى 150 نائباً، وما يعنيه ذلك من استنزاف لميزانية الدولة التي تعاني من عجز، فبدلاً من معالجة العجز وخفض الإنفاق والرواتب. وجدنا أن السلطة التنفيذية وأجهزتها لا تلقي بالاً لمصلحة الوطن، ولا لمصلحة الشعب الأردني دافع الضرائب، الذي تستنزف ضريبة المبيعات وحدها من دخل المواطن أكثر من ثلث دخله، وبذلك فإنها تستمر بمنح الامتيازات والرواتب العالية والامتيازات والرواتب التقاعدية من أفقدها ثقة الغالبية العظمى من مكونات الشعب الأردني.
والآن نترقب عدة سيناريوهات مقبلة على الوطن، بعد أن أصرت السلطة التنفيذية على سماع صوتها فقط، وكأنها هي الوحيدة الوصيّة على الشعب القاصر بنظرها ورؤيتها، وتمعن في عدم احترام صوت الشعب وإرادته وحقه بانتخاب ممثليه بحرية واستقلالية، وفقاً لبرامج تمكن الحزب أو الائتلاف الحزبي الذي يحصل على أغلبية عدد مقاعد مجلس النواب من تشكيل الحكومة حتى يتسنى له تطبيق برامجه، فلا فائدة من أي برامج في ظل غياب حق الأغلبية الحزبية والسياسية من تشكيل السلطة التنفيذية.
السيناريو الأول:
وفقاً لتصريح رئيس الوزراء المنشور في صحافة يومية بأنه لا نيّة لدى الحكومة بتعديل جديد على قانون الانتخابات، وبأن العد التنازلي لإجراء الانتخابات قد بدأ، هذا يعني أنه في حال أن التصريح يعكس قرار المطبخ السياسي والأمني، وبأن الانتخابات المبكرة في هذا العام. وبأن البلد سائر نحو التأزيم مع القوى السياسية والحراكات الشعبية في محافظات المملكة المختلفة، وبأن محاولة احتواء حركات الاحتجاجات؛ عبر التعديلات الدستورية الشكلية والقوانين الناظمة للحريات السياسية والحياة السياسية عبر أيضاً إصدار قوانين، ولكن للأسف تفتقر إلى الحد الأدنى من مطالب الشعب الأردني بمكوناته، قد باءت بالفشل، وهذا سيؤدي إلى زرع عامل إضافي ومبرر واقعي وحقيقي أمام تصعيد الحركات الاحتجاجية، وما قد يؤدي إلى مواجهات لا تحمد عقباها بين السلطة وأجهزتها الأمنية والقوى المعارضة لسياسة السلطة ،المتمثلة بالهروب من استحقاقات الإصلاح السياسي؛ حفاظاً على نفوذهم وامتيازاتهم.
كما أن هذا الخيار سيؤدي أيضاً إلى رفض القوى السياسية والشعبية الاعتراف بشرعية المجلس النيابي الجديد، والبدء بتصعيد الحراك؛ بهدف حل مجلس النواب لعدم شرعيته، ولافتقاره للتمثيل الحقيقي والعادل للمواطنين.
السيناريو الثاني:
محاولة الوصول إلى تفاهم مع الأحزاب السياسية المعارضة، وخاصة الحركة الإسلامية حول الاستجابة بالحد الأدنى لمطالب هذه القوى، شريطة الالتزام بالمشاركة في الانتخابات، حيث لا قيمة لأي انتخابات في ظل مقاطعة سياسية وشعبية، وخاصة في المحافظات الكبرى (عمان، الزرقاء، اربد). وقد يكون منح الناخبين صوتين للدائرة بدلاً من صوت واحد، وزيادة عدد أعضاء المجلس برفع عدد أعضاء القائمة على مستوى الوطن مرضياً للحركة الإسلامية وحلفائها.
ولكن هذا الخيار قد يفهم منه بأنه ضعف أصاب بنية النظام، وبالتالي فإن تداعياته خطيرة، ولكن قد يكون هذا الخيار الأقل سوءاً.
السيناريو الثالث:
استغلال الحالة السورية وتدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن، وتكييف هذه الحالة مع المادة 124 من الدستور التي تنص على «إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ، فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطي بموجبه الصلاحية إلى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية، بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن..».
وبالتالي استثمار هذه المادة مع عدم الاستقرار في الإقليم بفرض ليس فقط قانون الدفاع، وإنما اللجوء إلى المادة 125 من الدستور التي بموجبها يتم فرض الأحكام العرفية.
إن هذا الخيار يهدف إلى إجهاض الحراكات السياسية والشعبية تحت عنوان الدفاع عن الوطن، بينما الوطن غير معرض للحظر، فالحظر يعني مواجهة عدو خارجي فقط، وسوريا ليست دولة عضو. ولكن هذا الخيار أيضاً غير مضمون النتائج، فقد يشجع الفئات المستهدفة الاخوان المسلمين وحلفاءهم على تحدي هذا الخيار وعدم الخنوع؛ وبالتالي الاستمرار في المسيرات والاعتصامات، فالخيار أمام السلطة وأجهزتها محكوم إما السكوت والقبول بالأمر الواقع، أو العمل على مجابهة ومواجهة هذه القوى، وبالتالي التحول إلى سيناريو استخدام العنف والعنف المفرط، وبالتالي سقوط ضحايا لا سمح الله.
لذا فإن الأردن الرسمي أمام خيارات آحلاها مر بالنسبة إلى المتنفذين وشللهم وأصدقائهم، وبالنسبة إلى السلطة التنفيذية وأجهزتها التي تتربع وتمسك بمفاصل القرار السياسي والاقتصادي لعقود طويلة دون مساءلة أو حساب للشعب ومصالحه.
فالمطلوب إذن إرادة سياسية حقيقية جادة بالسير نحو الإصلاح الديمقراطي الحقيقي، وما يتطلبه من تعديلات دستورية تفرز فصل السلطات، وتعديلات تشريعية تتواءم ومبادئ النظم الديمقراطية والعهود والمواثيق الدولية. ( السبيل )