المستريحي يكتب : "الأخوان " والإنحياز للتنظيم
المدينة نيوز - خاص - كتب محمد المستريحي - : إن الحالة الأردنية هي حالة إصلاحية منذ البداية، ولم تكن نتيجة لهذا الحراك المجتمعي والسياسي الذي يؤشر إلى ظاهرة صحية تؤكد يقظة ووعي وحيوية. وكذلك لم تحملها الينا رياح التغيير التي هبت على المنطقة، فعصفت بأنظمة وترتجف منها أخرى تحسباً وترقباً. وإنما جاءت وكانت نتيجة حتمية لإرادة وعزم وتصميم مَلك وقائد نسي الذات والأنا وحَلِم بالوطن منذ اعتلائه للعرش، وفق رؤية سامية ضمن منظومة متكاملة ورصينة للبحث عن المكانة في صفحات المستقبل والتاريخ أيضاً.
وبموضوعية تتسم بالنزاهة قدر الإمكان لرؤية الواقع وتحليل المواقف، فإن الحقيقة التي لا جدال فيها، هي أن الإصلاح رغبة ملكية مستمرة وغير منقطعة، وهو أمر لا عودة عنه ولا رجعة فيه، وهو إصلاح هادئ الطباع تأتي ثماره بعد دراسة متأنية غير متسرعة لتكون متسقة مع الحفاظ على النظام القائم دون الإخلال بماهية المطالب وجوهرها. وتجلى هذا في إنجاز التعديلات الدستورية وقانون الأحزاب وقانون البلديات وقانون المحكمة الدستورية وقانون الهيئة المستقلة للانتخابات ومؤخراً قانون الإنتخابات، وغير ذلك الكثير وما سيتبع أكثر. مع الأخذ بعين الاعتبار تحقيق الأفضل للوطن ومستقبله بغض النظر عما إذا كان يوافق تيار أو يخالف آخر. مما يؤسس لمرحلة جديدة تفتح آفاقا واسعة لمستقبل مشرق وواعد للجميع دون استثناء.
وعلى أساس ما سبق، فإنه من المفيد والضروري جداً أن يكون لدينا معارضة ايجابية تنتقد الاجراءات السلبية التي تقوم بها الحكومات والتي من شأنها اعتراض وعرقلة سير المشروع الإصلاحي بهدف التقويم وتصويب المسار، بعيداً عن تصفية الحسابات والإشاعات والوشايات واعتماد لغة التخوين والتحشيد ضد مسيرة الوطن، وبعيداً أيضاً عن التصلب في الموقف وتقديم المطالب بطريقة الفرض والأمر حتى لو كانت تلك الآراء المواقف لا تتلاءم مع أولويات المصلحة العامة.
لذا فإنه لابد من التمييز بين المعارضة الإيجابية التي تؤمن بالديمقراطية وجوهرها الذي يتمثل بإحترام الرأي الآخر والاحتكام الى لغة الحوار عند الاختلاف في الآراء والطروحات، وبين المعارضة السلبية القائمة على الهيمنة وإحتكار "الصواب " وصد الأبواب أمام أي تفاهم، ولا يقبل أصحابها إلا الموافقة على رأيهم، وفي عناد يصدون كل ما عداه بغير فهم ولا نقاش، ويكفّرون ويخونون أية آراء مغايرة سواء أكانت من داخل بنيتهم أو من خارجها.
ولو تأملنا وتمعنا بروية لما يحدث على ساحتنا وبما يحاول أن يفرضه "الإخوان المسلمين " فإننا نصل الى نتيجة مفادها أنهم يتمحورون حول ذاتهم والإنحياز الأيدولوجي إرتهاناً لمعايير "الولاء والانتماء التنظيمي " ليكون هو المحك الرئيسي في رسم سياساتهم وقراراتهم بعيداً عن الوطن ومصلحته.
وعلى هذا يكون السؤال المطروح: هل "الأخوان " يؤمنون بالديمقراطية حقاً فكراً وممارسة، أم أنهم يتمسكون بشكليات الديمقراطية كوسيلة وطريقاً لإثارة الجدل العقيم لغايات التعطيل خشية دخول معترك المشاركة والمنافسة؟!.. سؤال متروك للتفكير والإجابة بكل شفافية وواقعية. مع التذكير بأن منطق الأمور ومآلها يؤكد أن مستقبل "الأخوان " مرهوناًً بتعاطيهم مع مقتضيات اللحظة الراهنة سلباً أو إيجاباً، والخيارات مفتوحة أمامهم. فماذا هم فاعلون؟!.
ختاماً نؤكد أننا نكتب من جهة الحياد لا الخصومة أو "الملاججة " والمجادلة غير المجدية مع أي جهة، وإنما إنحيازاً للإجماع الأردني وتمسكه بالنظام والعرش كضمانة لتحقيق الآمال والطموحات، وإنحيازاً للأردن الوطن وحلم الملك. ونشدد على ضرورة احترام الرأي الآخر وتوقيره وقبوله إن كان فيه نفعاً. أما التعنت في الرأي والإصرار على "العناد " فإنه هروب من المسؤولية الوطنية وتعطيل لمسيرة الإصلاح المنشود.