ومن يتق الله يجعل له مخرجاً

تم نشره الأحد 29 تمّوز / يوليو 2012 11:28 صباحاً
ومن يتق الله يجعل له مخرجاً
د. محمد نوح القضاة

في الظروف التي تمر بها أمتنا يشد الإنسان رغماً عنه لمتابعة الأحداث والتفكير في المستقبل، وهذا الأمر لا بأس فيه، فإن الاهتمام بشؤون الأمة دليل على الشعور بالانتماء إليها، والتفكير في المستقبل فطرة فطر الله الناس عليها، ولكن البأس في أن ينشغل الإنسان بواجب عن واجب، إذ لا يعفيه من واجب انشغاله بآخر، وللواجب الملازم للإنسان في كل حين هو (تقوى الله عز وجل) وهي الواجب الذي كلف الله تعالى به كل الأجيال، وجعل سعادتهم مرتبطة بها قال تعالى (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) وبين عاقبة هذه التقوى فقال : (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) وقال (والعاقبة للتقوى).
 وإذا تذكرنا أن التقوى هي فعل الطاعات وترك المنهيات، علمنا أن التقوى لا تعني الانعزال وترك الأمور يعبث بها أعوان الشيطان، بل تعني التصدي لها بصلابة المؤمن الذي بضعف إيمانه بالإسلام إعراض الناس عن الإسلام، ولا يشككه في وعد الله عدم رؤية الأسباب المؤدية إلى ما وعد الله، لأن الله هو خالق الأسباب والمسببات، وحكمته في تصريف شؤون خلقه لا يحيط بها أحد وتصريفه لشؤون عباده ليس كتصريف العباد لشؤون العباد، والإيمان الذي يتقرر عليه مصير الإنسان في الآخرة هو التصديق بما وعد الله المبني على الثقة بالله لا على رؤية الأسباب.
 وإذا أردنا أن نفصل هذا الإجمال بعض التفصيل نقول: إن واجب المؤمن في هذا الظرف يتلخص فيما يلي:
 1.أن يبعد نفسه ومن يلوذ به عن تيار الفساد. عملاً بقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) وأن يروض نفسه وأهله على طاعة الله طاعة مطلقة لا تتأثر بما في المجتمع من مفاسد عملاً بقوله تعالى : (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعافية للتقوى) وإن من قصر النظر أن يشتغل الإنسان بمعيشة عياله عن مستقبله ومستقبلهم في الآخرة، وكما أن تضييع العيال في الدنيا حرام فتضييعهم في الآخرة أشد حرمة.
 2.أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ضمن الحدود التي نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) وإن يستشعر مع ذلك الرحمة بمن يدعوهم إلى الخير لأنهم مرضى يهلكون أنفسهم وهم لا يشعرون، ويستشعر مع ذلك نعمة الله عليه إذ جنبه ما وقع به العصاة، ونحن نعلم أن سجود الشكر شرع عند رؤية المبتلى بدينه أو دنياه.
 3.أن تكون له روح عالية لا يضعفها لمز اللامزين ولا سخرية الساخرين وليذكر ما قاله نوح عليه السلام لقومه (قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم).
 4.أن يستحدث أساليب للدعوة تناسب ظروفه وما يجد أمامه لتظل الدعوة إلى الله متجددة ولا يبقى لبعيد عن الله حجة.
 5.أن يتأكد من أن نصر الله آت لا ريب فيه وأن المؤمن منتصر على كل حال فهو إن أدركته المنية تقياً داعياً إلى الله فاز بما عند الله (وذلك هو الفوز العظيم) وبشر في قبره بنصر المسلمين من بعده، وإن عاش حتى يدرك النصر فقد أدرك خيراً وعاد إلى خير في مستقر رحمة الله.
 6.أن يتسلح في هذه الفترة العصيبة بالأعمال الصالحة مهما كان نوعها، فهي زاد الطريق، وذكر الله ليذكره الله بالرحمة والتوفيق والتأييد، وليداوم على قراءة القرآن، ليعلم أن الظرف الذي يمر به قد مر على السابقين، ثم فرج الله تعالى عنهم وليعرف طريق السلامة في متاهات الحياة، أما الذي ينتظر حتى تواتيه الظروف ثم يتفرغ لطاعة الله فما أظن الظروف تواتيه ومتى كانت الدنيا مواتية لأحد من الناس، فلنعتصم بوصية الله بالتقوى بمعناها الواسع ولنجعل التقوى زادنا اليومي قال الله تعالى (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).
 وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات