أحكام وغايات

تم نشره الثلاثاء 31st تمّوز / يوليو 2012 12:51 صباحاً
أحكام وغايات
د. محمد نوح القضاة

ما من فرض أمر الله تعالى به إلا وله حكمة واضحة تعين المسلم على التنفيذ، ذلك أنك اذا فهمت الغاية سهل عليك العمل وخصوصاً اذا كانت الغاية مقنعة كما هي الحال في كل الاحكام الشرعية بلا استثناء - إلا ما ضاقت عنه رؤوس بعضهم عناداً - فعندما شرع الله تعالى الزواج قال (لتسكنوا إليها) اي لتستقر نفوسكم وخواطركم بزوجاتكم وجعل النسل والمصاهرة تبعا للغاية الام وهي السكينة والألفة والمحبة، وعندما تحدث سبحانه عن الصيام جعل الغاية منه التقوى فقال : ( لعلكم تتقون ) أي تراقبون الله تعالى في كل صغيرة كما تدربتم وتعودتم في الصيام.
 فأنت تغلق بابك على نفسك وكوب الماء البارد أمامك ودواعي الشرب من عطش وخلوة وحاجة وجهد موجودة ومع ذلك لا تمتد يد الصائم لأنه منتمِ الى مدرسة التقوى، فحقق الغاية والمطلوب منه عندما صام.
 وأما الذين ضعفت نفوسهم أمام فنجان قهوة أو سيجارة أو شربة ماء ولم يقدروا ان يكبحوا جماح أنفسهم وشهواتهم فماذا سيفعلون اذا برقت لهم الدنانير ولمعت في عيونهم الملايين وانفردوا بأموال الأمة وخلت لهم الطرقات. وغاب الحراس، وشمرت العطاءات عن سيقانها، وأظهرت الاتفاقيات مفاتنها!! أتراهم يُحجمون عن غاياتهم ؟! وكيف يُحجمون وقد اختبرناهم في شربة ماء فخانوها! واختبرناهم بفنجان قهوة فما رحموه في نهار رمضان!!
 إن رمضان المعظم يثبت عاماً بعد عام أن الوطنية الصادقة لمن فاز في رمضان فصام لأنه الأقدر على أن يقف أمام المال العام شامخاً صلباً لا تمتد يده إليه وليست الوطنية المتشدق بها لأن الوطنية فعل لا قول، وموقف لا وعد.
 وإذا كانت الغاية من الصوم كما أرادها الله تعالى التقوى، فلتكن هي الغاية التي توضع نصب العينين، ولتكن الفوائد الاخرى تِبعا لها كمن يريد أن ينقص وزنه أو يرشق جسده، أو يخفف دهونه، لأنها معان وإن كانت جميلة لكنها تخرج العبادة عن سموها، وبركتها وتجعل القلب متعلقاً بتحقيقها أكثر من تحقيق المقصد الأصيل، وتجعل النجاح في رمضان بمقدار ما خسر من وزن لا بمقدار ما كسب من حسنات.
 إن الشرع الاسلامي كله مصالح دينوية قبل أن تكون اخروية ومن الظلم اقتصار الفائدة الدينية على ما سنكسبه في الآخرة وإن كان مكسبها طموح لا يُنكر، ولكن الحياة الدنيا هي الخطوة الأولى في نظر الشرع، وإغفالها خسارة منفرة، فوا عجبي لمن سوق أن الدين شيء والدنيا شيء والأعجب منه من صدق تلك البضاعة فأخذها بخسة بثمن غالٍ هو العقل.
 
(العرب اليوم )


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات