هل حقا أسئلة الثانوية العامة تباع في السوق السوداء ؟
المدينة نيوز - تضرب الكاميرا الخفية مجددا في الأردن وتكشف عبر تحقيق صحفي إستقصائي نادر جدا فظائع جرائم الغش في إمتحانات الثانوية العامة التي تعتبر أكثر الإمتحانات أهمية بالنسبة للأردنيين دولة وشعبا.
حيث قام صحفي أردني بالتخفي وذلك عبر عمل مجهد لعدة أشهر للكشف عن حقائق وأسرار شبكات المتاجرة بإمتحانات الثانوية العامة عبر تقمص شخصية طالب والإنضمام رسميا للإمتحان الوزاري الرسمي بعدما قرر إعادة تقديم الإمتحان الثانوي وهو خيار يسمح به القانون أصلا للجميع.
القصة بتفاصيلها الموثقة عبر كاميرا سرية متطورة وجهاز خلوي وبقية الوثائق والوقائع تكشف تفاصيل مرعبة وقد لا يمكن تصديقها عن حقيقية ما يجري في غرف الإمتحانات الثانوية حيث يتواطأ نخبة من المسئولين في وزارة التربية مع حراس أمنيين وأهالي وعائلات وأساتذة ومراقبين في إرتكاب جريمة الغش في الإمتحان في إطار عملية تزوير إجتماعية وشعبية وحكومية لم تكن متوقعة.
حيث كشف التحقيق الذي حصلت القدس العربي على نسخة مفصلة من ملف هذا التحقيق الصحفي السري الذي يكشف حكايات لا يعرفها أحد عمليا.
وتتضمن القضية الكشف الحسي والعملي عن شبكات متخصصة تتاجر بأسئلة إمتحان الثانوية العامة وبالأجوبة عليها في خمس مدن أردنية على الأقل حيث تباع الأسئلة والأجوبة في السوق السوداء.
ويكشف التحقيق أن الشبكات المتخصصة توفد طالبا واحدا للإمتحان يسجل نفسه بصفة رسمية فيقوم بتصوير أوراق الإمتحان عبر كاميرا خلوي من طراز حديث ويسربها بدوره لزملاء له في غرفة عمليات يتواجد فيها أساتذة متخصصون في حل الأسئلة بسرعة على أن يقوم الجهاز اللوجستي المساند بإرسال الأجوبة فورا للزبون عبر جهاز الخلوي أو سماعة أذن عالية التكنولجيا داخل قاعات الإمتحان.
طبعا يكشف التحقيق عمليات تواطؤ منظمة من قبل المراقبين داخل قاعات الإمتحان حيث يقوم الّأذنة بمهام نقل النسخ أحيانا لخارج القاعات.
ويؤكد الصحفي الاردني أنه صور وقائع هذا التواطؤ حيث إمتنع المراقبون عن وقف عمليات الغش الخلوية وسمحوا بإستخدام الخلويات خلافا للقانون بل أن بعضهم طلب منه شخصيا المساعدة في (تغشيش) قريب له مقابل التغاظي عن إستعمال هاتفه الخلوي.
عملية الغش تشمل أيضا إيصال الإجابات بعد تسريب الأسئلة عبر سماعة هاتف صغيرة جدا لكنها موصلة ممتازة فيما يدفع الطلبة أسعارا محددة مقابل الأسئلة والأجوبة خارج قاعات الإمتحان للشبكة المعنية وهي أسعار تتراوح ما بين 30- 150 دولارا لأسئلة المبحث الواحد وسعر مماثل للأجوبة.
لكن التحقيق أثبت أيضا بأن الأسئلة تتسرب قبل يوم الإمتحان في بعض الأحيان وهنا يتضاعف السعر تماما حيث يتم التسريب من داخل كادر مسئولي وزارة التربية والتعليم في عملية تكشف إنهيار منظومة الرقابة وفساد مهني غير مسبوق داخل المؤسسات المعنية.
وفي التحقيق يعترف أحد مدراء التربية بأن بعض الإجابات تدخل عنوة لقاعات الإمتحان عبر الأهالي وبعض من يساعدهم داخل قاعات الإمتحان.
وبعض أساليب الغش الشعبي تبدو طريفة حسب السياقات التي يكشفها التحقيق الصحفي الأكثر غرابة في تاريخ الصحافة المحلية فبعد تسريب الأسئلة عبر الخلويات يتولى بعض الأهالي المتطوعين- على مرأى- من أجهزة الأمن إيصال الإجابات للممتحنين عبر مكبرات الصوت بالقرب من المكان أو عبر أطفال صغار يقفزون على الأسوار ويوصلون الإجابات عبر النوافذ لأقربائهم من الطلبة الممتحنين.
..عمليا يكشف الإستقصاء هنا عن ميول جنونية جماعية للغش في إمتحانات الثانوية العامة فحسب إستطلاع غير علمي إستفتى به الكاتب 142 طالبا حاول ممارسة الغش 56 % من الطلاب فيما تباع بالمكتبات نماذج مصغرة جدا على الورق من المناهج لتسهيل عملية الغش في الوقت الذي سمح فيه المراقبون لبعض الغشاشين بالذهاب لدورة المياه لإكمال المهمة.
ويعرض التحقيق الصحفي لحالة يتحدث عنها الأستاذة والمعلمون منذ سنوات ففي منطقة البادية الشرقية تعرض أحد المراقبين لإعتداء هو وزوجته أثناء عبوره من المنطقة من قبل أهالي قرروا الإنتقام منه لإنه منع أولادهم من الغش وحسب التفاصيل حطمت سيارته وبقيت زوجته لشهر في غرفة العناية الحثيثة بعد إصابتها بكسر في الجمجمة.
وقد إعترف أحد المراقبين لـ(القدس العربي) بأنه بدأ بغض النظر عن الغش في القاعة في مدينة مادبا بعدما رأى مدير التربية والتعليم يهادن مواطنين غاضبين حطموا سيارات المعلمين لإنهم لا يسمحون لأولادهم بالغش في الإمتحانات وفي حادث معروف العام الماضي تظاهر العشرات من الأهالي في الشارع العام إحتجاجا على منع الغش في الإمتحانات في مدينة السلط غربي العاصمة عمان.
المثير في المسألة ان تحقيق الصحفي الاردني سينشر بعد ساعات فقط من إعلان وزير التربية والتعليم بأن مسؤوليته داخل القاعات فقط وهي لا تشهد غشا مشيرا لإن مرافقة الغش خارج القاعات مسؤولية الأجهزة الأمنية. ( القدس العربي )