ثلاثة أسئلة محظورة!

السؤال الاول كيف يمكن لدول في آسيا وافريقيا عمرها آلاف الاعوام أن تبدو بعد عام أو عامين من التفكيك كما لو أنها تحبو وتتدرب على المشي وتلثغ بالدستور والقوانين؟.
هل كانت قلاعاً من الورق المقوى أم ان القطيعة قد وقعت بالفعل مع الدولة القديمة وتاريخها واختلط أمر المتاحف على أهل البلاد وليس على السواح، فاعتقدوا أنها تصلح للاقامة والطبخ والتكاثر وللباعة المتجولين!.
اين هي نعمة الله على عبيده الأعرق والاكثر زهوا بالقدم والرسوخ التي يحب أن يراها ؟ بالطبع سيفرخ هذا السؤال المحظور ألف سؤال وسؤال اذا مضينا الى آخر المتوالية التي زاوجت بين الكوميديا والتراجيديا على نحو غير مسبوق وكان يصلح بديلاً لكل المسلسلات الرمضانية لهذا العام.
ولا ندري تبعاً لأطروحات أشبه بالأحجيات أيهما كان ضحية الآخر، الدولة أم النظام والنظام أم الحزب، فالاختلاط لم يشمل الحابل والنابل فقط، بل اضاف العراق اليه ثالثة الأثافي وهو البابل!.
كيف يُهدم ويتحول الى اطلال وخرائب ما كان الأقدم بين الدول والحضارات خلال ساعات أو ايام أو حتى شهور؟.
وأية مكبوتات تلك التي اندلعت دفعة واحدة بحيث أصبح الذعر موزعاً بالعدل بين كل طبقات المجتمع، فلا أحد يدري من قتل مَنْ ومن سرق مَنْ، ومن سوف يرث مَنْ في أطول مسلسل درامي لا يزال مجهول السينارست وان كان المخرج فيه محفوظاً عن ظهر شاشة.
السؤال الثاني .. اذا كان الاقصاء هو ذاته والاستحواذ يتكرر بكامل أوصافه القديمة وثنائية الترهيب والترغيب هي الفيصل فلماذا غزيت يا أبا زيد؟ قلناها مراراً ولن نسأم من التكرار ان لم يرتطم الكوز المذعور بالجرار، وان لم تتغير منظمة مفاهيم وثقافة وتربويات فان تغيير الاشخاص هو استبدال للنار بالرمضاء أو اللبن باليوغرت أو شهاب الدين بأخيه.
ان سؤال التغيير في أي سياق أو حراك سواء كان سياسياً او ثقافياً أو اجتماعياً أو تحالفاً بين هذا الثالوث يجب ان يبدأ من الجذر فالفساد الذي تأسس وتحول الى ثقافة لم يكن نتاج انحراف أو شذوذ لأفراد فقط، لهذا فنحن نلعن الفساد ونلهث وراء الفاسدين وكأن هذا الفساد مجهول النّسب أو من كوارث الطبيعة كالبراكين والزلازل.
وطالما لعب هذا التجريد ومشتقاته دوراً في تهريب الواقع لصالح ديكورات متخيلة، فمن يمجدون العروبة يضطهدون العربي، ومن يسبحون بمجد القضية الأم والمركزية يفترسون الفلسطيني، ومن يثرثرون عن الانسانية يحولون الانسان الى سعدان في أقل من نصف قرن، رغم ان تحول السعدان الى انسان اذا صدقت الداروينية استغرق ملايين الاعوام.
السؤال الثالث .. هل الحرية أمُّ الفوضى أم ابنتها البكر؟ وبعيداً عن لغز الدجاجة والبيضة فان من اعتقدوا بسبب فائض العبودية ومديونية الكبت ان الحرية هي أن يفعلوا ما يريدون هم فوضويون أكثر من باكونين ذاته.. لأن الحرية هي ان لا نفعل ما نريد في غياب الدول والشرطة والكهرباء!. ( الدستور )