هدية الحكومة في ذكرى الانطلاقة

تركت الحكومة كل الأوضاع الصعبة التي نمر بها، وأشغلت قانونييها بالتفكير بمعاقبة "العرب اليوم" على نشرها "كالوسة" مكونة من 23 كلمة فقط، ضاق بها صدر الحكومة حول تكلفة زيارة رئيس الوزراء الأخيرة إلى جمهورية التشيك.
في هذه الأثناء وأنت تطالع عزيزي القارئ "العرب اليوم" يمثل رئيس التحرير المسؤول الزميل نبيل غيشان أمام المدعي العام القاضي المحترم نذير شحادة، للنظر في القضية التي حركها مجلس الوزراء ضد صحيفة "العرب اليوم"، احتجاجا على "الكالوسة".
لا أكتب محتجا على الاحتكام للقضاء، فهو عنوان سيادة القانون، ونكن كل الاحترام والتقدير لقضائنا العادل وقضاتنا الشرفاء، لكني أكتب من وجع يدمي القلب.
تعرف الحكومة، أو على الأقل القانونيون فيها، أن هناك تدرجا في تطبيق القانون، والحصول على الحقوق، فإذا كانت المعلومة التي نشرتها "العرب اليوم" حول مبلغ الزيارة ليست دقيقة كان بإمكان الحكومة أن ترسل توضيحا لها، والتزاما من "العرب اليوم" في تطبيق القانون وأحقية الرد فإنها سوف تنشر التوضيح في المكان نفسه، وذلك قبل أن تفكر بالذهاب إلى القضاء.
كما أن البلاد تمر الآن في أصعب لحظاتها، فهناك حرب مشتعلة في الجارة الشمالية تقذف حمم نارها لاجئين بالآلاف يدخلون يوميا، ولا ندري بأي اتجاه سوف تسفر عنه نتائجها.
كما تعيش الأوضاع السياسية في حالة انغلاق لا بوادر لتحريك مسنناتها نحو أفق المشاركة والمساهمة في طريق الإصلاح والانتخابات المقبلة.
ولا أريد أن أتحدث كثيرا عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، وحالة الضنك التي يمر بها المواطنون في أيام رمضان.
ولا أريد أن أتحدث عن الحكومة المعزولة عن قطاعات شعبية وسياسية عديدة، لم تستطع أن تفتح حوارا حول أية قضية وطنية.
الجميع يبحث عن مخارج تقي البلاد من الانزلاق إلى متاهات لا تحمد عقباها، فقط الحكومة تفكر بالدفاع عن ذاتها، وتلجأ للقضاء، في حين لا يفكر مواطن بسيط لم تصله المياه منذ شهر، أو عطبت الأجهزة الكهربائية في منزله جراء قطع الكهرباء، أو تراكمت تلال النفايات أمام منزله، من مقاضاة الحكومة على أفعالها.
انتظرنا في "العرب اليوم" أن تصلنا باقة ورد من الحكومة في الذكرى السنوية الاولى للانطلاقة الجديدة التي تصادف اليوم في الاول من آب، فكان ورد الحكومة من نوع اخر.
شكرا...الهدية وصلت.
(العرب اليوم )