نظرية السَّلطة

صديقي أبو (سَلطة) ينصح الرجال النزقين في رمضان، الآيلون للإنفجار قبل الغروب. ينصحهم بخوض غمار سلطة (الفتوش) والتحرش به، بكل ترو وإتقان، وذلك على سبيل التنفيييييس. ويشرح لنا هذا الخبير الدولي، أن علينا تقطيع الفجل إلى أنصاف دوائر رقيقة ومتماثلة، والبصل الناشف جناح عصفور، والبصل الأخضر فرمة خشنة، مع مراعاة أن ألا تكون السكين بادحة، (تقطع بالزبدة، وتحرّم باللبن)، ويحذر خبيرنا من بعض الدموع المنداحة على الخدين، ويؤكد أهميتها بشطف غبار النزق.
ويضيف أن عليك فرم النعناع، وتقطع الجبنة البلدية، والبندورة، والخيار، وورق الخس، والفلفل الحلو، وبعدها تحمّص خبز (الكماج) المقطع إلى مربعات صغيرة نصف تحميصة، ثم تخلط المكونات، مع مراعاة إضافة الليمون، والملح، دون أن تنسى توشيح سلطتك بخيط من زيت الزيتون.
الأخوة الجزائريون يقولون عن كل من يفقد أعصابه، ويغضب خلال الصوم، فيثور كبركان مباغت قاذفاً نيرانه وحممه في كل الجهات، يقولون عنه: (غلبه رمضان)!. وسنتذكر بحزن تلك الزوجة التي كانت تكابد صومها وقيظ مطبخها الخانق، لتحضير مائدة رمضانية شهية للعائلة، وإذ بها تفاجأ بزوجها الذي غلبه رمضان يحملها بين يديه، لا ليمنحها قبلة شكر وعرفان، بل ليطوح بها من الطابق الثالث، في منطقة سطيف الجزائرية العام الماضي.
وما أكثر الذين يغلبهم رمضان في شوارعنا، وأسواقنا، وبيوتنا، وما أكثر الذين يغلبهم ويسجل في مرماهم عشرات الهفوات، التي لا تخدش صيامهم فقط، بل تلغيه وتجعله جوعاً منزوع الأجر. يغلبه رمضان، فيغلق الشارع بسيارته، فيمتد خلفه طابور السيارات الزاعقة لكيلومترين أو أكثر، بحجة أن صائمنا نزل ليلتقط كيس تمر هندي. وحين يعود يركب سيارته بشتيمة قلة صبرنا. والأمثلة والمشاهدات أكثر من أن تحصر.
يقول صاحب نظرية التفشش بالفتوش: إنه ونتيجة انخفاض السكر في الدم، ترتفع درجة العصبية والنزق عند بعض الرجال إلى مستوياتها البرتقالية، وأحياناً الحمراء، فتضيق أرواحهم وتنضغط نفوسهم كزنبرك، وتتوتر أفكارهم كحبل مشدود، ولهذا سيبحثون عن سبيل للتنفيس والتفريغ والتبريد، إما بالتحركش بالأولاد والزوجة، أو التدخل بكل صغيرة وكبيرة بحثاً عن المشاكل، ولهذا فإن أفضل طريقة لامتصاص غضبهم، أن يخوضوا تجربة الفتوش بكل بسالة ورباطة جأش. أو أن يناموا مستندين إلى قاعدة: نوم الظالم عبادة.( الدستور )