هل تغير الموقف الأردني من سوريا؟
المدينة نيوز - تتردد أسئلة كثيرة عن الموقف الأردني من الثورة السورية، وذلك في ظل التطورات الميدانية الأخيرة وسلسة الانشقاقات العسكرية والمدنية والتوتر على الحدود وتصريحات مسؤولين أردنيين، حيث تغير هذا الموقف عما كان عليه خلال أشهر الثورة السبعة عشر الماضية.
وبدا الموقف الأردني من انشقاق رئيس الوزراء السوري رياض حجاب مرتبكا بشكل قد يعكس ارتباكا في دائرة صنع القرار، فمع تأكد وصول حجاب للأردن أمس الاثنين ظلت الحكومة وعلى لسان الناطق باسمها سميح المعايطة تنفي ذلك طوال يوم أمس.
ومن ناحية أخرى، رأى بعض السياسيين أن النفي يعود إلى اختلاف وجهات النظر في دوائر صنع القرار، وذلك بين مؤسسة أمنية ظلت تتحفظ على تأييد الثورة، وأخرى سياسية تريد القطع مع نظام الرئيس بشار الأسد "الآيل للسقوط" دون الانسياق نحو التوتر بشكل يؤثر على الحدود التي يبلغ طولها 375 كلم.
لكن التعرف على الموقف الأردني لا يحتاج سوى التدقيق في مواقف الملك الأردني عبد الله الثاني، حيث وجه انتقادات واضحة لنظام الأسد في عدة مقابلات أجرتها معه وسائل إعلام أميركية.
ميدانيا، بات التوتر سمة ملازمة للحدود التي تشهد انشقاقات يومية لعسكريين سوريين، وتحتفظ عمّان بنحو ثمانمائة ضابط وجندي منشق في مواقع تخضع لإشراف الجيش، كما سجلت مؤخرا عدة اشتباكات بين جيشي البلدين إثر قيام الجيش السوري النظامي بملاحقة لاجئين سوريين يفرون للأردن.
ومنذ بدء الأزمة في سوريا، لم تتخذ المؤسسة الأمنية الأردنية موقفا مؤيدا للثورة المناهضة للأسد، وترددت أنباء عن تضييقها على المعارضين السوريين ومنعهم من الظهور الإعلامي في عمّان، فيما طلبت من آخرين مغادرة المملكة.
لكن هذا الموقف تغير باستقبال مسؤولين أمنيين أردنيين وفدا من جماعة الإخوان المسلمين في سوريا للمرة الأولى منذ 12 عاما، إضافة للحديث عن أن المؤسسة الرسمية الأردنية باتت ترى أن من الخطأ المراهنة على نظام الأسد.
ومن جهته، رأى الوزير السابق والمحلل السياسي طاهر العدوان أن التطورات على الأرض فرضت تغيرا في الموقف الأردني بانحيازه عمليا إلى الثورة السورية دون التورط مباشرة في الأزمة على الأرض.
وقال للجزيرة نت إن رد الجيش الأردني على اختراقات قوات النظام السوري لحرمة الحدود -بإطلاقها الرصاص على اللاجئين- كان يهدف إلى ردع النظام في دمشق عن تكرار سيناريو مماثل للاختراقات الجارية عند الحدود اللبنانية السورية.
وأضاف أن الحدود الأردنية السورية مقبلة على فترة من التوتر، خاصة أن هناك ترقبا لاشتباكات قد تشهدها بين الجيش السوري النظامي والجيش السوري الحر للسيطرة عليها.
ورجح الوزير السابق أن الأردن لن يتورط عسكريا في الصراع، وأنه سيبقي على "الدعم المعنوي" للثورة السورية، مشددا على أن للأردن مخاوفه من مرحلة ما بعد سقوط النظام وخاصة مع وجود أسلحة كيماوية في مستودعاته.
وفي سياق متصل، نفى وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام سميح المعايطة وجود أي تغير في الموقف الأردني، وقال للجزيرة نت إن "الأردن لا زال على موقفه الرافض للتدخل الخارجي في سوريا والداعي للحل السياسي للأزمة".
وفي الوقت نفسه، أقر المعايطة بأن الأحداث المتسارعة في سوريا فرضت على بلاده تحديات جديدة، وخاصة أن مسارات الأزمة باتت تأخذ أشكالا خطيرة مع اتساع حجم المواجهات العسكرية مما فاقم أزمة اللاجئين ودفع الأردن للاحتياط لكافة السيناريوهات.
وأضاف المعايطة أن زيادة معدلات القتل والتهجير فرضت على الأردن "قلقا مشروعا وزيادة في الحذر واليقظة رغم أن ذلك لم يغير جوهر الموقف السياسي".
وشدد وزير الإعلام على أن الأردن ليس طرفا في هذا الصراع، وأنه "يؤدي واجبه تجاه اللاجئين كأشقاء يحتاجون ملاذا آمنا"، مؤكدا في الوقت نفسه وجود قرار سياسي بضرورة الحفاظ على الأمن الأردني، وذلك ردا على سؤال بشأن الاشتباكات على الحدود والتي رفض تأكيد حدوثها. ( الجزيرة )