الرسالة
عندما كنت في التوجيهي لم تمنعني الدراسة والمرحلة الحرجة ، عن الحب ، أساسا لولا الحب ما نجحت في الثانوية .
كان لدي صديقة في الصف العاشر ، وكنا نتبادل الهمسات على درج العمارة ، وبين الطرقات وكلما خلت الشوارع من المارة ، أكثر ما كنا نتبادله كانت الرسائل ، وفي مرة من المرات صادفت أن صادفت أن لامست أصابعها أصابعي أثناء تسليم الرسالة ، وقتها توردت خدودها بينما ارتفعت درجة حرارتي وشعرت بأني " دايخ " .
قلت أكثر ما كنا نتبادله بعد النظرات والهمسات هو الرسائل ، وقد كنت أبعث "لصفاء " كل يوم برسالة تتجاوز العشر صفحات ، وبسبب كثرة الضغط مع عدد وأحجام الرسائل اليومية ، كانت تقضي الليل بكامله وهي تقرأ الرسائل وتكتب عليها الرد.
للعلم ... كانت رسائلها دوما استفسارية عن عباراتي ومعانيها ولسان حالها يقول دوما "شو بتقصد "، فقد كنت وقتها موغلا بالشعر النبطي ومكتنزا بالصوفية ، ومنساقا بلا ارادة للتعبيرات المجازية ، وهي كانت عشوائية الأفكار ، تغريها أغاني مصطفى قمر وقتها ، وتشدها قصائد نزار .
كتبت لها مرة في رسالتي قصيدة فقلت :
ياقلبي الليله على وادي التيه جريت ونه والف ونه من الآه
اسمع صدى صوت المعنا بتاليه اضحك واقول الله يعين الذي تاه
والحق انا اللي تايهٍ في دواهيه مجراك نار تكوي القلب تكواه
باغيه قلبي والمشاعر تناديه قلبي عشق قلبه مع الليل ناداه
يفداك منهو يجمع اريال وجنيه يفداه وجه الطيب والعز يفداه
مثل البواخر لا رست في مراسيه حبك رسا صبح ومسا ابكل مرساه
بين الظلوع الحدب حبه ابنيه واكتب عليه من الغلا شي يزهاه
الجميل انها ردت علي بقولها " مع اني ما فهمت اشي بس حلو " .
كلما بعث أحدهم برسالة للحكومة ... عن قانون المستاجرين ، الانتخاب ، عن حق شعبي ، عن طلب بسيط ، لا ادري لماذا اتذكر صفاء ورسائلي المفعمة بقصائدي النبطية .
|