هجوم رفح .. هل حقق المراد؟؟
سبق لحبيب العادلي، وزير داخلية العهد البائد، أن اتهم فلسطينيين زوراً وبهتاناً بتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، وكانت الغاية من وراء هذه التهمة معروفة للقاصي والداني، وهي إثارة الشعب المصري ضد الفلسطينيين بشكل عام، وحكومة حماس في غزة، بشكل خاص، الأمر الذي يتيح للحكومة المصرية المقبورة تشديد الحصار على قطاع غزة بموافقة شعبية مصرية، وبالتوافق طبعاً مع حكومة العدو الصهيوني، لكن الله سبحانه وتعالى شاء أن يرد كيدهم إلى نحورهم، وهاهم الآن بفعل الثورة المصرية المباركة يقبعون في السجون، مذمومين مدحورين.
ها نحن الآن أمام سيناريو مشابه تماماً لذلك السيناريو اللعين، وها هي التهمة تُلصق مرة أخرى "بمتشددين تسللوا من قطاع غزة عبر الأنفاق " بحسب مسؤول أمني مصري، وأن "المهاجمين كانوا يتحدثوا بلهجة فلسطينية واضحة ". وعلى ضوء ذلك، فقد صدرت الأوامر بإغلاق معبر رفح الحدودي إلى أجل غير مسمى، وهذا هو المبتغى.
يقول المثل الشعبي "مجنون يحكي وعاقل يسمع ". ما مصلحة الفلسطينيين في الهجوم على جنود يرتبطون معهم بروابط الدم والدين والقومية؟ ألا يعرف الفلسطينيون أن عملاً كهذا سيلحق الأذى بالفلسطينيين في كل مكان، وسيكون مبرراً لكلٍ من الحكومة المصرية والصهيونية على حد سواء لإغلاق كل المعابر وخنق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يعاني أصلا من الاختناق نتيجة للحصار الجائر الذي طال أمده دون أن يرف رمش للحكومات الغربية والهيئات والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان؟
إذاً، من هو المستفيد الحقيقي من مثل هذه العملية المشبوهة؟ لقد أصدر الكيان الصهيوني تعليماته لمواطنيه المتواجدين في سيناء بمغادرتها على الفور منذ عدة أيام. ألا يكفي هذا ليكون دليلاً على أن من يقف وراء هذا الهجوم هو العدو الصهيوني، حتى ولو تمَّ تنفيذه بأيد غير صهيونية، وربما بأيد فلسطينية مرتبطة بالموساد الإسرائيلي؟ أما كان يمكن للمتشددين الفلسطينيين أن يهاجموا الصهاينة المتواجدين على أرض سيناء بدلاً من مهاجمة إخوتهم من الجنود المصريين، الذين ثبت بالدليل القاطع أنهم يمدون الفلسطينيين، وإن سراً، بالعون والمساعدة؟
ألا يمكن أن يكون من خطط لهذه العملية ونفذها جهات خارجية وداخلية تهدف من خلالها إلى إجهاض الثورة المصرية التي كان من شعاراتها رفع الحصار عن قطاع غزة وقطع العلاقات الدبلوماسية مع العدو الصهيوني، بالإضافة إلى إضعاف الرئيس المصري وإفشال حكومته التي من المتوقع أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومساعدته لاستعادة حقوقه وإقامة دولته المستقلة؟ من يُتابع تصاعد الأحداث في مصر الحبيبة، يدرك دونما عناء بأن هنالك مؤامرة تُحاك خيوطها في الخفاء للعودة بمصر إلى سابق عهدها، حين كان الصهاينة يطلقون من قلب القاهرة تهديداتهم بتدمير غزة على رؤؤس أطفالها ونسائها.
نحن على يقين بأن هذه المؤامرة الدنيئة لن تنطلي على الحكومة المصرية والشعب المصري، وستتكشف بعون الله خيوطها كما تكشفت خيوط المؤامرة التي أراد حبيب العادلي، لا بارك الله فيه ولا في حكومته البائدة، أن يُلصقها بالشعب الفلسطيني، وسينقلب السحر على الساحر، والله على كل شيء قدير.