نقطة البداية
في البداية نحمد الله على بلوغنا رمضان الكريم فكل عام والجميع بألف خير ,فما أفضل من رمضان بداية لصفاء النية والتفكر بالواقع وإصلاحه ,فما ينقصنا جميعا في هذا الوطن هي البداية لنهاية واقع توجيه الاتهامات وتضخيم الحقائق وتضيع الوقت ,فالمشاكل الداخلية اقتصاديا وسياسيا ليست بالأمر "العويص " لتكون حالة عدم التوافق المخيمة على الساحة الأردنية , فعنق الزجاجة التي ندخل فيها صباحا ونخرج منها مساءا أصبحت فكرة ساذجة لا تنطوي على المواطن الواعي لما يدور حوله ,فالوطن في تقدم وتغير ,حقيقة لا مفر منها ,وسياسة تضيع الوقت والجهات التي تبحث عن إبطاء الإصلاح لخلق حالة اللاوعي عند المواطن أصبحوا مكشوفين ,فما نراه من كر وفر لدخول في المرحلة السياسية القادمة ما هي إلا محاولة لإضعاف الماكينات الوطنية الإصلاحية ,فالمبادرة والتراجع عنها في السياسة تهدف دوما لإضعاف الفكرة بحد ذاتها ,فمثلا قضية الانتخابات وتلاعب بعض الجهات السياسية في تصريحاتها تجاه المشاركة من عدمها محاولة واضحة لإضعاف الفكرة والقانون في جملة من المناورات التي تدفع الحكومة إلى محاولة إرضاءها من خلال التعديل أو الإلغاء لبعض البنود هنا وهناك ,وتصريح دولة الطراونه الأخير بان " لا تعديل ثالث على قانون الانتخاب " دليل واضح على علم الحكومة أن النية في عدم المشاركة من قبل بعض الجهات كان محسوما منذ مده وقرار صائب لمنع هدر الوقت والهيبة للقانون شرعيته!
ومن الجهة الأخرى فان الحكومة بدورها لم تكن قادرة على بناء جسور التوافق بينها وبين الأحزاب الرافضة للقانون وذلك إما لاداركها بان تلك الأحزاب ترفض النهج العام أو لعدم مقدرتها على بناء تلك الجسور ,فالأمر يحتاج لصيغة توافقية تخفي العيوب السياسية عند جميع الأطراف وتعطي معادلة سياسية يثبت فيها التوازن مع وجود ضمان واحد ومرجعية واحده وهي جلالة الملك ,فالغوض في المبادرات السياسية الخالية من النية في الاستمرار أمر يؤدي إلى خلق تجارب تمنع الكثير من الأفكار أن تطرح في المطبخ السياسي مستقبلا , وهنا علينا التأكيد على نقطة البداية أو الانتهاء من تشوهات سياسية باتت هشة وغير فاعلة لصاحبها والبدء بحوار خالي من نوايا مسبقة –على الأقل في بداية التوافق السياسي- وإعطاء الفرصة للمواطن أن يحكم على تفاعلية سياسية حزبية حكومية ترفد الوطن بتجربة جديدة لا تستدعي استذكار تجارب ماضية تجعل الوضع يسوء أكثر وتعطي انطباعا بانسداد الاوفق السياسي ,فالرفض لكل المبادرات والتمسك اللامنطقي بفكر معين يجعل كل طرف متشبثا برأييه إلى اللاعودة والخاسر الأكبر بذلك هو المواطن .
وما هو مؤكد أن الأفضلية في هذه الفترة هي لجلوس والتحاور ليس من اجل تنازلات من هذا الطرف أو ذاك ,فبالنهاية لكل طرف مصالحه وسقف لتنازلاته ,وليس من المنطقي التراجع عن فكرة أو قرار بني عليه سياسات وينظر إليه كمخلص لحالة الاحتقان السياسي في الوطن ,فالامتحان سيفرض على الجميع من دون تميز أو تزوير.
وبعيدا عن السياسة وفي خضم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي بمر بها الوطن ,فالبداية في فهم الأولويات أمر ضروري وجعل أمر توجيه الاتهامات لتخفيف الاحتقان هنا وهناك لوقت آخر ’وإما محاسبة الفاسدين فالقضاء الأردني جهة مستقلة ليس عليها عبء اقتصادي أو سياسي لتضيع مع السياسيين في جولاتهم ومناوراتهم ,فمحاسبتهم واجب على الحكومة والقضاء كفيل بذلك وما دون ذلك فالحكومة مسؤولة أمام الشعب ,فما أقوله ليس أحلام يقظة أو مثاليات وإنما فهم لما لنا وما علينا فمحاججة الحكومة في هذه الفترة هي الدخول في مواجهتها سياسيا والتفاعل مع ما تطرحه من مبادرات ليكون كل طرف مسؤولا عن قراراته ومتحملا للعبء السياسي الذي يطرحه في صياغة المعادلة الوطنية التوافقية
فان جلالة الملك أكد بان الحل سيكون بمشاركة الجميع في الإصلاح وأنه سيكون المرجعية لجميع في صياغة معادلة وطنية ثابتة الأطر وواضحة المعالم ,وانه " لا رجوع عن الإصلاح " ....مقولة تستدعي العلم بان جلالة الملك واثق بحل واحد ويمتلك فكر ثابت وهو التوافق لإيجاد طريق الإصلاح وتبين أن الدعوة عامة للجميع وعلمه بان قدرة كل طرف في التأثير على سير عجلة الإصلاح وإدراك جلالته للواقع الاقتصادي الصعب والإسراع في حل المشاكل السياسية التي ينظر لها بغير ذات أولية كبيرة مقارنه بأولوية الوضع الاقتصادي