ماذا استفاد النظام من حلفه مع ايران؟

ايران استضافت مؤتمراً دولياً لنصرة حليفتها سورية. أكبر مشكلة يواجهها النظام السوري هي حِلفه مع ايران التي تواجه عقوبات دولية وحصاراً ومقاطعة.
كنت سأقول إن النظام الايراني يعيش في المريخ، إلا أن الاميركيين سبقوه الى الكوكب الأحمر قبل يومين، فلعله يعيش في عُطارد أو زُحَل، إذ يبدو أنه اختار أن ينفصل عن واقع الأمور في الشرق الأوسط والعالم.
خلفية سريعة: كان حلف سورية مع ايران في العقد الماضي مبرراً جداً، فإدارة جورج بوش الابن أعلنت سياسة «تغيير النظام» في سورية وإيران، ورد عليها البلدان بدعم المقاومة والإرهاب في العراق بين 2004 و2006، وخسرت الولايات المتحدة الحرب في العراق، وسحب باراك اوباما آخر جنود اميركيين منه مع إدراكه أنه يسلم مصير بلد أساسي في المنطقة الى ايران، والآن نرى كل يوم نماذج من تبعية حكومة بغداد لآيات الله في طهران وقم.
كان وزير خارجية العراق هوشيار زيباري واحداً من إثنين فقط من وزراء الخارجية الذين حضروا مؤتمر طهران (الآخر وزير خارجية زيمبابوي) وهو ما كان فعل لولا النفوذ الايراني في بلاده.
المهم في الأمر أن الحلف الذي كان مبرراً في العقد الأول من هذا القرن لم يَعُدْ له أي مبرر في العقد الثاني، بل إنه من أسباب مشاكل النظام السوري حتى لو أنكر أصحاب العلاقة الآخرون ذلك.
ايران تحتل ثلاث جزر تابعة للإمارات العربية المتحدة وتهدد الجار القريب والبعيد، ولا تكتم أطماعاً فارسية في الخليج كله. وفي حين أنني أؤيد البرنامج النووي العسكري الايراني أملاً بأن تحذو الدول العربية حذوه، فأنني لا أعمى عن سياسة فارسية، لا إسلامية، جعلت دول الخيج الصغيرة تطلب أحلافاً أجنبية وحماية هي بغنى عنها لولا ايران، ثم يحافظ النظام السوري على حلف فَقَدَ أسبابه.
ماذا استفاد النظام السوري في السنوات الإثنتين أو الثلاث الأخيرة من حلفه مع ايران؟ لا شيء سوى أنه أصبح مُقاطَعاً بالتبعية، والدول العربية التي كانت مستعدة لدعمه أصبحت ضده.
ايران اختارت أن تعقد مؤتمراً لنصرة سورية، وهي كانت ستفيد النظام السوري لو أعلنت مقاطعته والابتعاد عنه، لأن الدول التي تعارض النظام تريد أولاً وأخيراً أن تخرج دمشق من دائرة النفوذ الايراني.
وزير خارجية ايران على أكبر صالحي بدا وكأنه يتجاوز السياسة الموجودة، ليجمع 27 أو 28 دولة في طهران ويطلب هدنة مدتها ثلاثة أشهر لتتفاوض الحكومة السورية والمعارضة على إصلاحات.
هذا لن يحدث. كان زمان. اليوم أرى أن المواجهة بين النظام والمعارضة ستنتهي بغالب ومغلوب بعد حرب أهلية، لذلك أتفق مع قول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن لا منتصر في المواجهة الحالية، بل احتمال حرب أهلية طويلة الأمد تدمر النسيج الاجتماعي السوري.
في المقابل لا أتفق مع الموقف الاميركي إزاء سورية وإيران، والناطق الرئاسي جاي كارني قال تعليقاً على مؤتمر طهران إن لا دليل على أن ايران تلعب دوراً بنّاءً في سورية. هذا صحيح، والولايات المتحدة أيضاً لا تلعب دوراً بنّاءً في سورية. ولعل كلام سفيرة اميركا لدى الأمم المتحدة، السيدة سوزان رايس، وهي جيدة عادة ومعتدلة، يشرح أسباب اعتراضي، فهي قالت إن الاتجاه في سورية يتغير بوضوح لمصلحة المعارضة، وأرى كلامها تمنيات أكثر منه تحليلاً دقيقاً لواقعٍ على الأرض صفته القتل اليومي الفظيع. السيدة رايس قالت أيضاً عن «حلف الممانعة» إنها ترى أنه «سيئ للمنطقة». أولاً، لا حلف ولا ممانعة هناك بل كلام مُستَهلَك، وثانياً، إذا كان الحلف سيئاً فهو سيئ لإسرائيل، والإدارة الاميركية تقدم هذه الدولة الفاشستية المحتلة على كل اعتبار آخر في المنطقة.
كنت سأقول عن مؤتمر طهران «إتْلَمْ المتعوس على خايب الرجا»، غير أن سورية غابت عن المؤتمر، وهذا انتهى كما بدأ من دون فائدة لأي بلد شارك أو غاب.
( الحياة اللندنية )