عندما تبكي أمينة
ابك يا أمينة، ابك، من غيرك سيبكي؟ لا تمسحي دموعك، لا تمسحيها، دعيها تسيل على خديك كحبات المطر، ولا تحبسي أناتك في صدرك، لا تحبسيها، دعيها على عواهنها، لعلها تتحول إلى صرخات تخترق جدران صمتنا وخنوعنا وخيبتنا، دعيها، لعلها تنقلب إلى لعنات تصفع وجوهنا السمجة صبح مساء، لعلها تعيدنا إلى وعينا، إلى نخوتنا التي كانت، وإلى شهامتنا التي ماتت، إلى الماضي الذي كان، ولكن .. هيهات يا أمينة، ما لجرح بميت إيلام، ستبقى دموعك يا أمينة ابد الدهر شاهدة على ذلنا واستكانتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس، نحن امة مستباحة يا أمينة، جثة هامدة تنهشها الجوارح والكلاب والقطط .. يا ويحنا!!
المعتصم يا أمينة، بلغه نداء امرأة مسلمة، من عمورية التي احتلها الروم، وامعتصماه .. وامعتصماه، رمى كأس الماء من يده، لم يشرب، قال لها لبيك، وجعل حصون الروم أطلالاً، من لنا بالمعتصم! المعتصم مات يا أمينة، وما عاد فينا معتصم، ما عاد فينا إلا المتخم والمستكين والمنصاع والصاغر والذليل، ليتك تنهض من قبرك يا معتصم، لترى حالنا ومآلنا، ليتك فقط تُطل برأسك من قبرك لترى إلى أي درك قد هوينا، لا يلومنك أحد إن عفرت التراب في وجوهنا .. عد إلى قبرك يا معتصم، فباطن الأرض خير من ظاهرها، نعم، باطن الأرض خير ألف مرة من ظاهرها.
أمينة أردوغان تجهش بالبكاء وهي تحتضن أطفال مسلمي بورما وأراملهم، تبكي بحرقة المسلم الغيور على دينه وأمته، تذرف دموعاً تفطر القلب على مأساة مسلمي الروهينجا وما يلاقونه من ويلات وحملات إبادة عنصرية على أيدي البوذيين المتطرفين بدعم من السلطات البورمية، وعلى مرأى ومسمع من دول "العالم الحر ومنظمات حقوق الإنسان "، بل على مسمع ومرأى من دول العالم العربي والإسلامي وقادتها وجيوشها الجرارة.
عودي إلى ديارك يا أمينة، وقولي لزوجك "من للمسلمين المظلومين غيرك يا اردوغان! .. انتصر لهم كما انتصر المعتصم للمرأة العربية "، واصرخي بأعلى صوتك يا أمينة: أين العرب؟ أين المسلمون؟ يا أمة محمد، أليس بينكم من لم تمت الشهامة والنخوة فيه بعد؟ ألستم خير من ركب المطايا؟ أين مطاياكم؟ وأين رماحكم وسهامكم، بل أين أموالكم ونفطكم، وعزتكم وكرامتكم؟ هل تبخرت؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.