بين (ليلى) و(أليسار)

تم نشره الإثنين 13 آب / أغسطس 2012 01:25 مساءً
بين (ليلى) و(أليسار)
رمزي الغزوي

لم يلفتنا صدور كتاب (هذه حقيقتي) لليلى زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين، قبل أسابيع في فرنسا. ليس لأننا لم نعتد أن نقرأ كتب الهاربين الذين غمرهم وجللهم غبار الهزيمة، بل لأننا عرفنا حقيقة ليلى وزوجها، وعرفنا أكثر حقيقة كل طغاة الأرض، من أول النمرود في نينوى، إلى بشار طاغية الشام.

فمثل ومضة شهاب خبا واختفى، نسي التاريخ هذه الليلى، حتى ولو أرادت أن تبقى على قيد الذاكرة بإصدار كتاب أو مجلد أو فضائية تجلو صورتها، فالطغاة وأشباههم من المستبدين الجشعين يمرون مرور الكلام العابر. أما ما يمكث في لسان الناس والتاريخ، فهو البطولة، والمجد والمحبة، والشجاعة في صنع الحياة، بأبهى معانيها.

وإن كان التاريخ سينسى ليلى، فلن يجرؤ أن ينسى (أليسار)، فبعد ما يقرب الألفين وثمان مائة سنة ما زلنا نتذكر هذه الأميرة الفينيقة ابنة ملك صور، نتذكر شجاعتها وعنادها وصلابتها، حين حملت حلمها العنفواني، وفرت من بطش أخيها (بغماليون)، برفقة عدد كبير من أنصارها، إلى ما سيعرف لاحقاً بتونس، وكان يحكمها الأمازيغ (البربر)، لتؤسس مملكتها هناك.

وكما تقول الأسطورة، فقد رفض ملك تلك الديار أن يبيعها أرضاً، إلا بحجم جلد ثور. فقبلت العرض، وأمرت بقص جلد الثور خيوطاً دقيقة جداً جداً، فتهيأت لها من طول تلك الخيوط مساحة كبيرة بنت عليه مدينتها الحالمة بالمجد، والتي أطلقت عليها اسم (قرت حدشت)، وتعني بالفينيقية المدينة الجديدة. والتي ستصبح فيما بعد قرطاج.

وراحت قرطاج تكبر وتتسع حتى غدت المدينة العظيمة، التي نشرت الحضارة الفينيقية في شمالي أفريقية، وحوض المتوسط، وصولاً لإسبانيا وأبعد. ويخرج من رحم هذه المدينة واحد من أعظم أبطال التاريخ على الإطلاق. يخرج (هاني بعل) أو حنبعل، بكل ذكائه وطموحه كونه صاحب أعتى مغامرة عسكرية عرفها التاريخ، مغامرة ما زالت للآن تدهش الدنيا حين عبر بجيش من الفيلة من إسبانيا مرورا بجبال البيرينيه حتى وصل تخوم روما وحاصرها مهدداً عرشها.

واليوم وبعد كتاب ليلى زين الهاربين، نتذكر أليسار بكل وقار، ونذكر قرطاج العظيمة، ولن نأبه بحقيقة ليلى وأمثالها من الطارئين على حياة الشعوب، فالمجد للعظماء الذين امتلكوا حلم البطولة، وليس للطغاة الجبناء، حتى ولو علوا في الارض علوا كبيرا إلى حين. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات